أميركا وأسلوب التواصل الجماعي عبر الأمم المتحدة

TT

أوضحت أحداث اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة الأسلوب المغاير الذي سلكته إدارة الرئيس أوباما في الأمم المتحدة، والإنجازات التي تحققت من جراء هذا الأسلوب.

إن عالمنا اليوم مليء بتحديات دولية كثيرة ومعقدة. وتحت قيادة الرئيس أوباما اخترنا أن نتعامل معها عبر بناء قواعد قوية للتعاون الدولي. ونحن نعمل مع الدول الأخرى لحل المشكلات في الأمم المتحدة، وبذلك نعزز الحلول الجماعية للأزمات الدولية، وفي الوقت نفسه نعزز مصالح الأمن القومي للشعب الأميركي.

وكان من ضمن نتائج هذا التوجه تطبيق أشد العقوبات على إيران وكوريا الشمالية، والجهد المشترك مع شركائنا في اللجنة الرباعية لإيجاد حل عادل للصراع العربي الإسرائيلي، واستعادة قوة الدفع ضد انتشار الأسلحة والمواد النووية، وتنسيق الجهد الدولي لمساعدة هايتي لإعادة الإعمار، وتأسيس مبادئ معترف بها دوليا لمعالجة مشكلة انعدام الأمن الغذائي، والمشاركة الأميركية المباشرة في جهود إصلاح الخلل في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة.

لقد بلور الرئيس أوباما نظرة واضحة لعالم خال من السلاح النووي، مع أسلوب عملي لتحقيق هذا الهدف. وتحقق الكثير من الأهداف المهمة لهذه الإدارة عبر الأمم المتحدة.

وفي شهر سبتمبر (أيلول) عام 2009، ترأس الرئيس أوباما قمة تاريخية حول حظر الانتشار النووي والتسلح، أدت إلى الموافقة بالإجماع على قرار مجلس الأمن رقم 1887 الذي أعدته الولايات المتحدة لتأكيد الالتزام الدولي بنظام حظر الانتشار العالمي المبني على اتفاقية الحد من الانتشار النووي. ووفقا لهذا القرار تتمتع كل الدول بحقوق ومسؤوليات، مع الإشارة إلى ضرورة التزام كل الدول بمواثيقها. وفي مواجهة مخالفة إيران لتعهداتها وفق الاتفاقية، صوت مجلس الأمن بقيادة الولايات المتحدة بالأغلبية الساحقة لفرض عقوبات على إيران لفشلها المستمر في الالتزام بتعهداتها. وفرض القرار 1929 أشد عقوبات شهدتها الحكومة الإيرانية، وبعث رسالة لا يمكن إساءة فهمها بأن المجتمع الدولي مصمم على وقف انتشار السلاح النووي.

وفي رد على اختبارات كوريا الشمالية لسلاح نووي، حصلت الولايات المتحدة على إجماع لتبني قرار عقوبات رقم 1874 من مجلس الأمن على كوريا الشمالية شمل جوانب مالية وتجارية. وسوف يستمر الضغط الأميركي باتجاه تطبيق العقوبات حتى يتحقق التقدم في خفض التسلح النووي الذي يمكن إثباته.وفي مايو (أيار) 2010 في مؤتمر مراجعة اتفاقية حظر الانتشار النووي 2010، تبنت 189 دولة من أعضاء الاتفاقية طريقا عمليا نحو تحقيق رؤية الرئيس أوباما للسلام والأمن العالميين، لعالم خال من الأسلحة النووية. وتضمنت الوثيقة تشديد عمليات التفتيش والالتزام والاعتراف باتفاقية «ستارت» الجديدة، والحاجة إلى خفض جذري للأسلحة النووية.

وأسفر المؤتمر عن نتائج واضحة تقوي الدعائم الثلاث للاتفاقية، وهي حظر الانتشار ونزع التسلح والاستخدام السلمي للطاقة النووية. وهذا الإنجاز الكبير يثبت صواب جهود الولايات المتحدة لوقف انتشار الأسلحة النووية مع السعي نحو السلام والأمن لعالم خال منها.

من الإنجازات الأخرى التي تحققت تحسين فاعلية قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة عقب مؤتمر استضافه الرئيس أوباما في سبتمبر عام 2009، واجتمع فيه مع قادة الدول المشاركة في قوات حفظ السلام. وعكس هذا اهتمام الولايات المتحدة بالمشاركة في عبء حماية المدنيين واتفاقات السلام الهشة لمجتمعات خارجة لتوها من حروب.

وفي هايتي، بعد الزلزال المدمر الذي أودى بحياة مائة من موظفي الأمم المتحدة، أسهمت الولايات المتحدة بالعمل الوثيق مع الأمم المتحدة لمساعدة حكومة هايتي في نشر الأمن وتوصيل الدعم الإنساني لشعب هايتي. كما عقدت الولايات المتحدة مؤتمرا في شهر مارس (آذار) الماضي استضافت فيه الدول المانحة لنجدة هايتي، ورصدت الولايات المتحدة 1.1 مليار دولار لبرنامج إعمار طويل الأجل في هايتي.

وفي السودان، بعد توجيه الاتهام من محكمة الجنايات الدولية لرئيسه، والرد بطرد أعضاء منظمات الإغاثة، ضغطت الولايات المتحدة من أجل إعادة موظفي الإغاثة وعارضت تأجيل قرار الاتهام. وساندت الولايات المتحدة بحذر التطبيق الفعال لحفظ السلام في جنوب السودان ودارفور، كما شجعت التعاون بين قوات حفظ السلام في المنطقتين، ضمن توجه شامل من إدارة الرئيس أوباما نحو السودان. وتستمر الولايات المتحدة في العمل مع كبار المسؤولين في الأمم المتحدة لتحسين الوضع الإنساني على أرض الواقع، والتأكد من أن ممثلي الأمم المتحدة سوف يدعمون الاستفتاء القادم. وقد حضر الرئيس أوباما اجتماعا رفيع المستوى حول السودان استضافه الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، وذلك من أجل جذب الانتباه والتركيز على الجهود لدعم الاستفتاء الذي يعكس إرادة الشعب السوداني. وأسهمت الولايات المتحدة في تبني القرار رقم 1888 بالإجماع حول النساء والسلام والأمن، والذي يدين العنف الجنسي ضد النساء أثناء الحروب، ودعت كل الأطراف لإنهاء أعمال الاغتصاب والعنف الجنسي ضد النساء خلال النزاعات المسلحة. وهذه المبادرة تقوي الرد الدولي على العنف الجنسي في الصراعات، خاصة بعد تعيين ممثل خاص يتبع الأمم المتحدة.

وفي الصومال، أسهمت الولايات المتحدة في جمع الدعم الدولي لحكومة انتقالية، ولمهام قوة الاتحاد الأفريقي هناك. وأسهمت كذلك في دعم تمويل قوات الأمم المتحدة لحفظ السلام لكي تبقى في الصومال. وكانت الولايات المتحدة هي أكبر داعم دولي بالمساعدات الإنسانية للصومال، بمساعدات قيمتها 150 مليون دولار في العام المالي 2009. كما قادت الولايات المتحدة جهود تجديد سلطة قوات الأمم المتحدة لمكافحة القرصنة على سواحل الصومال.

بالإضافة إلى ذلك، شاركت الولايات المتحدة في مجلس حقوق الإنسان على الرغم من بعض الخلل فيه، وهي تعمل الآن لإصلاحه من الداخل حتى يركز على انتهاكات حقوق الإنسان حول العالم. وعلى سبيل المثال شاركت الولايات المتحدة في تبني قرار أدى إلى تأسيس منصب مقرر خاص من الأمم المتحدة للإشراف على حقوق التجمعات والجمعيات. وهذا المنصب الجديد سوف يوضح المخاطر التي تواجه هذه الحقوق وتواجه المجتمع المدني.

ومن القضايا الأخرى التي شغلت الولايات المتحدة في الفترة الأخيرة وبذلت فيها جهودا قيادية قضايا رفع شأن النساء داخل أروقة الأمم المتحدة، والالتزام بسداد كل مستحقات الولايات المتحدة للأمم المتحدة عن السنوات الماضية، وأخيرا وليس آخرا جهود إصلاح الأمم المتحدة من حيث زيادة كفاءتها وتحسين نظم المحاسبة فيها. وكل هذه المنجزات والأنشطة تشير إلى التزام الولايات المتحدة التام بتقوية الأمم المتحدة والعمل في شراكة مع المجتمع الدولي لبناء عالم أفضل تتاح فيه الفرص والحرية والعدالة للجميع.

* مساعد وزيرة الخارجية الأميركية للشؤون العامة