كيف تقدم نتنياهو على عباس؟

TT

القصة التي كشفتها صحيفتنا يوم أمس عن الشروط الجديدة التي وضعها رئيس الوزراء الإسرائيلي أمام الإدارة الأميركية من أجل تجميد الاستيطان لفترة محددة، وبالتالي استئناف مفاوضات السلام تبين لماذا كنا نطالب الرئيس الفلسطيني بضرورة مواصلة المفاوضات وعدم الوقوع في فخ نتنياهو.

مصادر القصة تقول إن نتنياهو موافق على تمديد تجميد الاستيطان لمدة شهرين شريطة أن تتعهد إدارة أوباما بالامتناع عن مطالبته بتمديد جديد لفترة تجميد البناء، وأن يستمر العمل في المشاريع التي بوشر بها في الأيام الأخيرة، وأن توافق واشنطن على وضع قوات إسرائيلية في غور الأردن، في إطار التسوية الدائمة للصراع، وأن يحصل إضافة إلى ذلك على جميع التعهدات الأميركية بالدعم السياسي، ومنها استخدام حق الفيتو الأميركي في بحث أي قرار في مجلس الأمن بإقامة دولة فلسطينية، والدعم العسكري. كما تقول المصادر إن نتنياهو طلب من الأميركيين مساعدته على مواجهة المعارضة بحكومته لفكرة الاستمرار في تجميد البناء الاستيطاني، حيث يريد «رزمة مكاسب» يستطيع عرضها على وزرائه ليثبت فيها أن تجميد البناء الاستيطاني يحقق لهم إنجازات كثيرة.

ومعنى ما سبق، سواء كانت الشروط دقيقة، أو أنها مجرد بالون اختبار، أن نتنياهو خطط، ويبدو أنه سينجح، في الخروج من مأزق تعطل المفاوضات، بمكاسب كبيرة، أبرزها الحد من خيارات المفاوض الفلسطيني، حيث يتم استكمال بناء ما بدأ من مشاريع استيطانية، مع مهلة شهرين فقط للتجميد، وأن لا تتم مطالبته بذلك مرة أخرى، وكأن صراع كل تلك السنين سينجز في شهرين فقط، كما أن نتنياهو يطالب بوضع قوات إسرائيلية في غور الأردن على أمل تحقيق مكاسب حتى قبل الجلوس على طاولة المفاوضات، وبالطبع إحراج الأردن، أو قل استفزازه.

وفوق هذا وذاك، فإن نتنياهو يخطط لقطع الطريق على أي توجه دولي للاعتراف بالدولة الفلسطينية، وهذا واحد من الخيارات الفلسطينية المحدودة، كما يريد نتنياهو من واشنطن أن تصفي له خصومه في الحكومة، بحوافز أو خلافه، أي تنظف له حديقته الخلفية، كما يقال.

فبدلا من أن يواصل الفلسطينيون المفاوضات، ويحرجوا نتنياهو ويكشفوا ألاعيبه أمام المجتمع الدولي، والأميركيين، انقلبت الطاولة اليوم على عباس وبات نتنياهو هو من يريد حوافز وتعهدات!

كان بمقدور عباس أن يستغل الفرصة التاريخية، فهناك رئيس أميركي حريص على حل الصراع العربي - الإسرائيلي، بل ويرى أن ذلك يصب في مصلحة أمن بلده القومي، كما كان بمقدور الرئيس الفلسطيني أن يعري نتنياهو أمام المجتمع الدولي، ويزيد من زخم دعم المجتمع الدولي لقضيته، وأن يقود حكومة نتنياهو إلى السقوط، وهو أمر لن يأسف عليه أحد بما فيهم إدارة أوباما.

للأسف لا جديد في الصراع مع إسرائيل، غير أن الإسرائيليين يؤكدون المرة تلو الأخرى أنهم يعرفون تماما كيف يستفيدون من أخطائنا التي لا تنتهي.

[email protected]