الزوجة العذراء

TT

جمعتني المعرفة والعلاقة الطويلة بطبيب من بلد عربي شقيق - وهو بالمناسبة طبيب نفساني - وله عدة سنوات يعمل في مستشفى حكومي هناك.

وقد تفوت عدة أشهر، وأحيانا أكثر من عام، دون أن أشاهده إلا إذا مررت بالصدفة إلى بلده، أو حضر هو بالصدفة أو بداعي العمل الاستشاري في بلدي.

ففي مثل هذه الحالات لا بد وأن يتصل أحدنا بالآخر ويلتقيه ويدعوه إما إلى وجبة غداء أو عشاء أو على الأقل تناول فنجان من القهوة أو الشاي.

وقبل أسبوع هاتفته بالتليفون من المطار أخبره عن قدومي وإقامتي التي لن تتعدى يومين، رحب بي مجاملا واتفق معي على أن أقابله غدا مساء بعد أن ينتهي من عمله في القهوة (الفلانية).

وهذا ما حصل، وتوالت الأسئلة والأحاديث، وكانت أكثر الأسئلة هي من قِبلي، بحكم عدم تمكني وقدرتي على الاسترسال بالكلام، وكانت أكثر الأحاديث هي من قِبله، بحكم أنه طبيب نفساني وهذه هي وسيلته الوحيدة والناجعة بالعلاج.

تطرقنا إلى أمور وحوادث متعددة، غير أن هناك موقفين لفتا نظري؛ الأول: هو قدرته الذكية في التأثير على مريضة عنده، والثاني: مفارقة غير متوقعة لا شأن له هو فيها، وإنما كان مجرد شاهد.

لا أريد أن أتطرق إلى الحادثة الأولى وأحصر كلامي في الحادثة الثانية التي يقول عنها من أغرب المواقف التي مرت عليه في المدة الأخيرة.

فرجوته أن يحكيه لي، تبسم قائلا: الواقع أنه محرج بعض الشيء، ولكن لا بأس أن أرويه لك لأنك تحفظ السر، قلت له: اطمئن سرك في بير، هات ما عندك، قال: إن مدير عام الصحة في بلدتنا رجل كبير السن وضخم الجثة، وقد تزوج قبل مدة فتاة صغيرة، كنت من المباركين له بهذا الزواج، غير أنه بعد ستة أشهر طلقها.

وقبل أسبوعين أدخلت للمستشفى فتاة صغيرة بعد ليلة زفافها، وكانت في حالة طارئة ومستعجلة، حيث إنها كانت مصابة بنزيف شديد.

وبالصدفة حضر في ذلك الوقت المدير العام في جولة تفتيشية على المستشفى كعادته كل أسبوع، يحف به الكثير من الأطباء والموظفين، وكان متجهما وعابس الوجه، ووقف على حالة تلك الفتاة ليستعلم عن سبب ذلك النزيف، فما كان من طبيبها إلا أن يقول لسعادته: إن مثل هذه الحالات تحدث أحيانا مع البنت البكر في ليلة دخلتها، خصوصا إذا كان زوجها من النوع العنيف.

فغضب المدير طالبا استدعاء ورؤية ولي أمرها، وإذا بهم يستدعون زوجها، وكان شابا مفتول العضلات، وحضر معه أيضا والدها. وما ان شاهد المدير والد الفتاة حتى صدم وارتج وكاد يغمى عليه، فتفاجأنا به يقطع جولته ويخرج سريعا وسط ذهولنا واستغرابنا.

وعرفنا جميعا بعد ذلك، أن تلك الفتاة ما هي إلا الزوجة التي كان المدير قد تزوجها وبقيت في عصمته ستة أشهر كاملة ثم طلقها.

أرجو أن لا يعتقد أحد منكم أنني لا أحافظ على السر، بل بالعكس، وأكبر دليل أنني لم أذكر أي أسماء، والحمد لله.

[email protected]