هل يصلح الحب ما أفسدته السياسة؟

TT

يقول علماء النفس إن حب بنت الجيران حب يفتقر إلى النضج، ويوصف غالبا بأنه حب مؤقت سرعان ما ينتهي، حينما تمتد أقدام الشاب إلى مساحات جغرافية أبعد من دائرة الجوار. والحديث عن الحب يشبه الحديث عن التنجيم، يكذب فيه علماء النفس ولو صدقوا، فقصص كثيرة من حب بنت الجيران عاشت «في التبات والنبات.. وخلفت صبيان وبنات»، وجل أغاني الزمن الحلو كانت تتحدث عن حب بنت الجيران وولد الجيران، فغنت نجاة الصغيرة «ساكن قصادي وبحبه»، وترنمت شادية بـ«مين قال لك تسكن في حارتنا.. تشغلنا وتقل راحتنا»، وصدحت جارة الأحراش فيروز بـ«أنا وشادي»، وذرف عبد الحليم حافظ الدموع عند رحيل الجارة «خسارة خسارة فراقك يا جارة». كما حفلت السينما العربية بقصص ابنة الجيران، أو «بنت الحتة» وفق تعبير إخواننا المصريين، وغرق إسماعيل ياسين، وأنور وجدي، وفريد الأطرش، وأحمد رمزي، وفريد شوقي في عشق بنت الجيران.

اليوم - في عصر الإنترنت - قصرت المسافات، وأصبح العالم - كل العالم - يعيش في الجوار، ولم يعد غريبا أن يلتقي الشامي المغربي، وكانوا يقولون في الأمثال قبل ذلك: «إيش لمّ الشامي على المغربي»، استغرابا لبعد المسافات، واليوم يمكن للتشيلي الذي يعيش في العاصمة سانتياغو أن يعشق جارته اليابانية التي تعيش على بعد آلاف الأميال في طوكيو، ويمكن أن يهيم الشاب الصومالي المحاصر في مقديشو بجارته - في غرفة الدردشة - الباريسية الحسناء، وهكذا أصبح الحب كالفن لا وطن له.

في الطريق إلى سيول عاصمة كوريا الجنوبية كان جاري في الطائرة الشاب السنغالي «عبده» قد أنفق «تحويشة العمر» لكي يذهب إلى سيول ضيفا على حبيبته الكورية الحسناء «سواسي» التي تعرف عليها عبر «النت»، وعلى بوابة المطار كانت الجميلة في انتظاره بابتسامتها المشرقة التي تفوح منها رائحة الثوم، و«الجنسنج»، وبراءة المشاعر. وفي حديقة الـ«هايد بارك» بلندن اختلط الأسود بالأبيض في طفل هو ثمرة حب ولد رغم المسافات بين باكستاني مثقف، ونيوزيلندية فاتنة، تكلل بالزواج. فإذا كان العالم غدا قرية صغيرة - كما يقولون - فإن الحب هو شيخ هذه القرية ودليلها وفنارها.

فهل يجمع الحب عالمنا الذي فرقته السياسة؟

[email protected]