بطة العراق العرجاء!

TT

كل المخاض الذي يمر به تشكيل الحكومة العراقية، من تقلبات، وتنازلات، وصفقات، واستعانة بإيران، يعني أمرا واحدا، ومهمّا، هو أن رئيس الوزراء العراقي القادم، سواء كان نوري المالكي، أو خلافه، سيكون مقيدا، ومحدود الصلاحيات، ورجلا يجلس على كرسي قوائمه الأربع ضعيفة، لأن التحالف لا يقوم على مصالح، بل على ضغوط، واستقواء بالخارج، أي إيران، وهذا ما أكده مقتدى الصدر في بيانه الذي أعلن فيه قبوله بترشيح المالكي لفترة ثانية عندما أقر بأن في السياسة ضغوطا، وأن كُلا يقرب النار إلى قرصه.

وبالتالي، فإن رئيس الوزراء العراقي القادم سيكون بطة عرجاء، كما يقال سياسيا، حيث لن يأتي رئيس الوزراء العراقي إلى كرسي رئاسة الوزراء إلا بعد أن يكون قد استنفد كل ما لديه من أوراق، حيث ان عليه أن يقدم التنازل تلو الآخر، مما يعني إضعافا لرئاسة الوزراء، على المدى القريب والبعيد، وهذه رؤية قاصرة بالطبع، لأن خطورة رئيس وزراء عراقي ضعيف على العراق مثل خطورة رئيس وزراء متسلط.

فالتنازلات التي الهدف منها البقاء في السلطة فقط، وليس المصلحة الوطنية، وتشكيل حكومة جامعة لكل الأطياف، بل والأهم حكومة تعكس حقيقة صناديق الاقتراع، تعني أن الدور العراقي في المنطقة سيضعف، كما تعني أن العراق، خاصة بعد تشكيل الحكومة بتأثير إيراني، لن يكون صاحب استقلال، ودور منطلق من المصالح الوطنية، بل سيكون دولة تابعة، مواقفه مشابهة لمواقف إيران، وهو أمر نراه في مأزق الموقف اللبناني اليوم.

والغريب أن الأميركيين يعبرون اليوم عن قلقهم من زيارة أحمدي نجاد المقبلة إلى لبنان، وتأثيرها، ويتجاهلون خطورة ما تفعله إيران في العراق، من تشكيل حكومة، إلى تغلغل في مفاصل البلاد، وهذا ما طرحناه في مقال سابق بعنوان «العراق.. هل الأميركيون متآمرون»، وهو المقال الذي استفز صحيفة «الصباح» العراقية الرسمية، ومن خلفها، حيث خرجت الصحيفة بافتتاحية هجومية حادة على الكاتب، والصحيفة، تتهمنا فيها بالطائفية وخلافه، في لغة لا تشبه إلا لغة إعلام صدام حسين، والطريف أن الصحيفة الرسمية العراقية تقول إننا نلعب في الوقت الضائع، ولا أعلم ما الضير في ذلك، خاصة أن الوقت الضائع من قواعد اللعبة، لكن الذي ليس من قواعد اللعبة هو التلاعب بالحقائق، فما رأي الصحيفة في تزوير الموقع المحسوب عليها تصريحا ونَسْبه للسعودية «حكومة وشعبا» وقال إنهم يرحبون بترشيح نوري المالكي لتشكيل حكومة عراقية، خاصة أن مصدرا سعوديا قد وصف ذلك بالكذب والافتراء؟

وعليه، فإن نتيجة ما يحدث في العراق اليوم، وهذا هو الأهم، أنه مهما تم التوصل إلى ترضية للطوائف، أو القيادات، ومهما تم من توافق وفق الطريقة التي تتشكل بها الحكومة العراقية اليوم بضغط إيراني، فإن النتيجة هي أن بطة العراق ستكون عرجاء، مما يعني تعميقا لمشكلات العراق المنهك أصلا، وتحجيما لدوره المنتظر، سواء سياسيا، أو اقتصاديا، أو حتى ثقافيا، وهذا ما يستشعره العقلاء من العراقيين، والغيورون من العرب.

[email protected]