وجها العملة في قطاع السياحة التركية

TT

نعرف جميعا أن السياحة داخل تركيا تنمو بصورة مطردة، ولا يزال البحر المتوسط من أهم المراكز السياحية في العالم، ولكن هل يعد ذلك كافيا؟

حقيقة الأمر أنه يجب إعداد خطة على المدى الطويل وعلى المستويين الإقليمي والوطني لتنمية قطاع السياحة التركي، ويجب أن تكون تركيا قادرة على توفير أنماط جديدة من السياحة تختلف عن الشواطئ التقليدية.

مؤخرا، أخبرتني فنانة داخل لندن أنها تخطط للذهاب إلى كاس للقيام برحلة ترسم خلالها بعض الأعمال الفنية. وقالت سيدة إنجليزية أخرى إنها ستذهب إلى تركيا من أجل ممارسة اليوغا. وذهبت مجموعة تضم إنجليزا بين الثلاثين والخمسين من أعمارهم مؤخرا من أجل ممارسة المشي على ساحل بحر إيجه.

يعد النشاط السياحي الذي يعتمد على المغامرة شيئا جيدا، ولكن من المهم تطوير السياحة التعليمية والصحية وسياحة المؤتمرات. ولا تعتبر أنماط السياحة الجديدة شيئا هاما من أجل تحقيق عوائد وحسب، ولكنها تساعد أيضا تركيا على عرض نفسها.ويجب على تركيا صياغة أفكار جديدة مع أجل العمل مع التجار المحليين للمساهمة في الاقتصاد المحلي وتحسين المنافع التي تعود على المجتمعات المحلية. واشتكى مواطن يقدم أنشطة رياضة مائية داخل أحد الفنادق قائلا: «تأتي نصف الأنشطة الرياضية المائية جزءا من حزمة شاملة، ولا نكسب مثلما اعتدنا».

وعندما لا ينفق السياح، فإن ذلك ربما يثير مشاعر الغضب لدى السكان المحليين تجاه السياح. ويجب علينا احترام الثقافة المحلية وقيم السكان المحليين من أجل الحفاظ على هوية المجتمع.

وبالطبع، لا يعني ذلك المزيد من المحلات التي تبيع ملابس مقلدة لعلامات تجارية. تنتج تركيا ملابس متميزة يمكن أن تجدها في أي طريق سريع داخل المملكة المتحدة، ولكن يتذكر الناس السلع المقلدة الرخيصة لأن السعر الأقل يعطي انطباعا خاطئا في المجمل. كنت في وقت قريب داخل أنطاليا مقيما في فندق جميل، وخرجت وشاهدت متجرا كبيرا جعلني أشعر أنني في دولة أخرى. وكانت مفارقة لا يمكن تجاهلها؛ على أحد الجوانب، منظر جميل لبحر وغابة وجبل وفنادق خمس نجوم، فيما كانت في الجانب الآخر منطقة تجارية كبيرة يجري بناؤها بوتيرة متسارعة.

وثمة مشكلة أخرى تتمثل في الأسعار. قال مالك أحد المحلات التجارية: «لا يوجد عمل خلال الشتاء. ونعمل بالأساس لخمسة أشهر فقط ولا نعمل أي شيء على مدار سبعة أشهر». وعليه فإن السلعة التي تُباع مقابل 5 ليرات تُباع بـ5 يوروات للسياح».

ولا تدر عناوين رئيسية داخل صحف إنجليزية تصف تركيا بأنها «مقصد منخفض التكلفة» نفعا كبيرا. ويجب التعامل بحرص مع نسبة التكلفة إلى المنفعة، التي ترتبط بمتوسط الإنفاق لكل سائح. ويمكن جعل السياحة تدر عوائد أكبر من خلال مستويات خدمات إيجابية وعالية وجيدة وسمعة طيبة والحفاظ على هذه السمعة على المدى الطويل.

ويعرف العاملون في قطاع السياحة كيف سارت الأشياء على النحو الخطأ داخل إسبانيا، ففي نهاية الثمانينات أصبحت السوق الإسبانية متشبعة ولم تعد تقدم أشياء جذابة جديدة. ولم يكن الحل في بناء المزيد من الفنادق، فقد تراجعت جودة الخدمات مع ارتفاع المنافسة وتراجع الدخل. وهذه عملية غير مستدامة تؤدي إلى مشكلات اجتماعية وبيئية واقتصادية.

وتظهر المنظومة التعليمية ضمن القضايا الأخرى الهامة، حيث يجب أن تعد هذه المنظومة أفرادا مؤهلين للعمل في قطاع السياحة. ولم أعثر سوى على شركة أو شركتين تدريب لتقديم برامج للفنادق، وأعرف أن قليلا جدا من الفنادق فيها مديرو تدريب. وهذه إما مشكلة ميزانية أو أنهم يفضلون تدريب الموظفين أثناء العمل لأن تكلفة ذلك تكون أقل. ويجب أن تفهم شركات التدريب والفنادق والهيئات أهمية التدريب السياحي. ويجب عليهم تدريب الموظفين على العمل في القطاع وجعلهم يدركون أهمية مساهمتهم القيمة للاقتصاد.

الواقع أن السياحة قطاع هش، ويجب أن تكون أساساته قوية. ولذا من الضروري التخطيط على المدى الطويل وتحسين المنشآت وتطوير العلاقات الجيدة مع العملاء والوعي بالمنافع التي تأتي من أنماط سياحية مختلفة والحفاظ على القيم الثقافية واحترام البيئة وحماية المساحات الطبيعية.

ودائما يمكن لتركيا تحسين أدائها اليوم وغدا.

* بالاتفاق مع صحيفة «حرييت

ديلي نيوز» التركية