غرام ووفاء من قراءاتي:

TT

هل تصدقون أن (الأميركان) ينفقون على غذاء كلابهم أكثر أربع مرات مما ينفقونه على أطعمة أطفالهم؟! هذا ما قرأته ومع ذلك فإنني غير مصدق(!!).

فحدث العاقل بما لا يعقل، فإن صدقك فهو أحمق، وأنا لا أريد أن أكون أحمق.

أقول قولي هذا ثم أستدرك وأتراجع وأرفع قبعتي أو طاقيتي لبعض الحيوانات وأهمها الكلاب، لأن وفاءها وعفويتها وصدقها وحتى ذكاءها أفضل كثيرا من بعض البشر، وأنا أولهم.

والحمد لله أنني أحاول أن لا أكتب كلاما على عواهنه دون أن يكون موثقا، خصوصا إذا كان يخص الحيوان، لأنني بطبعي أكنّ لهذا الجنس الاحترام الكبير، أما بالنسبة للبشر فحدث ولا حرج.

ففي مذكرات أحدهم قال: كان والدي حارسا ليليّا في مجمّع سكني، وكان يدور كل ليلة على المنازل لكي يتأكد من إغلاقها برفقة كلبه المسمى (بغ جوج)، وذات ليلة خرج والدي في أمر يهمه وترك كلبه، ولم يبدأ جولته المعتادة إلا في وقت متأخر، ولفت نظره عندما عاد أن كل باب منزل أمامه آثار أقدام كلب على الثلج، وكلما وضع يده على مقبض كل باب وجده لزجا، فأصابته حيرة شديدة، ولكنه قبل أن يصل إلى آخر ثلاثة منازل إذا به يلمح في الظلام كلبه (بغ جوج) وهو يرفع يديه إلى أحد الأبواب قابضا على أكرة الباب بفمه ليتأكد من إغلاقه.

واتضح أن الكلب عندما أحس أن والدي قد ذهب إلى شأنه، وحان موعد الجولة الليلية، أبى إلا أن يقوم بها هو منفردا دون سيده.

وإليكم حادثة أخرى تحكيها سيدة عجوز لديها كلب أصيل يقال له (بانش)، وهي تحبه على حد قولها حبا جما لا يقل عن حبها لزوجها إن لم يكن يزيد عليه، وتسلطت على ذلك الكلب الأصيل كلبة سوقية ضالة هزيلة، وكلما رأتها تلك المرأة تقترب من كلبها تطردها خوفا من أن يلقحها الكلب فيختلط النسب ويتلوث شرف العائلة، وساءها أن زوجها يعطف أحيانا على تلك الكلبة المسكينة، وكثيرا ما حصلت خناقة بين الزوجين وصلت إلى عنان السماء بسبب تلك الكلبة.

وفي يوم من الأيام اختفى عن الأنظار (بانش)، ومر أسبوعان على ذلك وكادت المرأة تُجَنّ إلى درجت أنها كتبت إعلانا في صحيفة البلدة تقول فيه إنها على استعداد أن تدفع خمسة آلاف دولار لمن يدلها على كلبها. ولفت نظر الزوج أن تلك الكلبة السوقية كانت تجري طوال اليوم إلى حوض الماء، وتملأ فمها منه وتركض وهو ينساب منها على الأرض، وتختفي ثم ترجع، وتكرر ذلك دون ملل أو تعب.

فرحمها الزوج وقذف إليها قطعة لحم، وبدلا من أن تأكلها أخذتها بفمها وذهبت إلى نفس المكان واختفت، وما هي إلاّ دقيقة حتى عادت مرّة أخرى، فتعجب من ذلك ورمى لها بقطعة أخرى وتبعها مقتفيا أثرها، وإذا به يشاهد. يا للهول، إن (بانش) ساقط في حفرة عميقة لا يستطيع منها الخروج، وإذ بالكلبة المشردة العاشقة هي التي كانت تطعمه وتسقيه طوال تلك المدة، ولولاها لمات دون أن يفطن إليه أحد، فهل هناك كلبة، أقصد امرأة عاشقة، تفعل ذلك؟!

ويقول العالم المختص بشؤون الحيوان (جون بورز): إن السنين التي قضيتها في العراء أقنعتني أن الحيوان، وإن كان لا يفكر على غرار الإنسان، فإنه قد وُهب القدرة على الإحساس بموقفه بالإلهام، وإنه يتصرف تبعا لذلك. إنه يعرف دون أن يعرف كيف عرف.

[email protected]