«العراقية» للبرلمان.. مكر واضح!

TT

لا يمكن وصف فكرة إعطاء منصب البرلمان لـ«القائمة العراقية» إلا بالمكر الواضح من قبل «دولة القانون» بزعامة نوري المالكي، ففي تلك الفكرة ترسيخ لمبدأ المحاصصة الطائفية، وأكثر.

فمجرد قول حسن السنيد، عضو ائتلاف دولة القانون، والمقرب من المالكي، إن موقف ائتلافه هو أن يكون منصب رئاسة الجمهورية من نصيب الأكراد، في حين يذهب منصبا رئاسة البرلمان، ومجلس الأمن للسياسات الاستراتيجية لـ«العراقية»، فذلك يعني أن «دولة القانون» يريد تسجيل عدة نقاط، كل منها لا تقل خطورة عن الأخرى.

النقطة الأولى هي في حال ترسيخ الرئاسة للأكراد، ورئاسة الوزراء للشيعة، والبرلمان للسنة، فإن ذلك يعني ترسيخ مبدأ المحاصصة الطائفية في العراق إلى الأبد، وهو تعد واضح على الدستور العراقي الذي يمنح كل عراقي الحق في الترشح للرئاسة. وبالتالي، فإن تشكيل الحكومة، ومن ثم رئاسة الوزراء، من حق الكتلة الفائزة بالانتخابات، وهذا ما تحقق بالنسبة إلى «القائمة العراقية» في الانتخابات الأخيرة.

والنقطة الأخرى هنا هو أنه مجرد قبول «العراقية» بمنصب البرلمان، يعني أن إياد علاوي هو مرشح السنة، على اعتبار أن «دولة القانون» يريد ترسيخ فكرة أن البرلمان للسنة، وهذا خطر كبير، لأن علاوي لم يأت بأصوات السنة فقط، بل جاء بأصوات الاعتدال من جميع المكونات العراقية. وبالتالي، فإن «دولة القانون» يريد ترسيخ فكرة أن «العراقية»، وبالتالي الدكتور إياد علاوي، هما مرشحا السنة، في محاولة واضحة لهز صورة «القائمة العراقية» أمام العراقيين، وأمام من منحوا القائمة أصواتهم من كل المكونات العراقية.

كما أن قبول «العراقية» بمنصب البرلمان يخول «دولة القانون»، أو غيره، من أصحاب ترسيخ المبدأ الطائفي، أن يؤسسوا لخطوة مستقبلية ترسخ مبدأ الحكم الشيعي في العراق؛ فبمجرد القبول بإعطاء «العراقية»، بقيادة علاوي الشيعي المعتدل، منصب البرلمان، ولو من خلال شخصية سنية، فهذا يعني أنه من حقهم غدا البناء على هذا الأمر للمطالبة بأن يعطى البرلمان لتكتل شيعي في انتخابات قادمة. وبذلك يتم ترسيخ مفهوم أن الحكم للشيعة في العراق، وهذا رأي ترجحه تصريحات سابقة لصدر الدين القبانجي، إمام وخطيب الجمعة في النجف، والقيادي في «المجلس الأعلى»، حينما تحدث عن «حق الشيعة في حكم العراق»، قائلا إنه «حق واجب، لأن الشيعة يمثلون الأغلبية في العراق، ويجب الدفاع عن هذا الحق». وهذا ما ترسخه إيران اليوم من خلال تمسكها بالمالكي، والضغط على مقتدى الصدر للقبول به، وكذلك دفاع الحكيم عن نفسه أمام من اتهموه بشق الصف الشيعي في العراق.

وعليه، فإن القضية ليست قضية الوصول إلى الحكم بأي ثمن، بل يجب أن يكون الهدف هو الحفاظ على سلامة العراق، والعملية السياسية فيه، وهو أمر لا يتم من خلال تكريس المحاصصة الطائفية، بل من خلال التنوع المحكوم بنتائج الانتخابات، والتداول السلمي، والحقيقي، للسلطة. وهذا ما يجب أن يعيه العراقيون، والعرب، ومن قبلهم الأميركيون الذين قاموا بإسقاط النظام القديم، ورعوا انطلاقة النظام الجديد، وإلا فإن العراق سيبقى في عبث دائم خطره سيطال الجميع.

[email protected]