أهلا بنجاد

TT

على عكس كل ما يقال اليوم عن زيارة الرئيس الإيراني إلى لبنان، فقناعتي أنها زيارة مهمة، فمن شأنها أن تساهم في يقظة الوعي المغيب بلبنان والمنطقة، حول حقيقة حزب الله وتبعيته لطهران، وخطورة الانسياق خلف الشعارات الإيرانية.

فحزب الله يحتفي اليوم برجل يعاديه نصف الشعب الإيراني، وينتقده المحافظون الإيرانيون أكثر مما ينتقده الإصلاحيون، بسبب تردي الأوضاع الاقتصادية، والانهيار الواضح للدبلوماسية الإيرانية، سواء في المنطقة، أو على المستوى الدولي. فنصر الله، الذي يحاول جاهدا وبكل ما أوتي من قوة، من أجل تضييع دم رفيق الحريري، ويمعن في إفساد العملية السياسية برمتها في لبنان، يحتفي اليوم بنجاد الذي يشاركه نفس التوجهات، وهو ما يتضح جليا سواء بين الفلسطينيين أو في العراق ولبنان، وحتى في إيران نفسها. كما أن نصر الله يحتفي اليوم بضيف يشاركه نفس العداء لجل الدول العربية، والمجتمع الدولي. ولذا، فإن أفضل وصف سمعته عن لقاء حسن نصر الله وأحمدي نجاد هو ما قاله لي شخصية لبنانية لماحة بأنه سيكون «لقاء المطلوبين للعدالة» العدالة الدولية، والداخلية، سواء في إيران أو في لبنان.

صحيح أن البعض يرى في زيارة نجاد تعميقا للأزمة الطائفية في لبنان والمنطقة، إلا أن إحدى إيجابيات الزيارة، ومن باب «رب ضارة نافعة»، أنها ستساعد على فرز الخطوط، وتبين أين يقف الحزب، وأين تقف إيران الولي الفقيه. فكثير بيننا، سواء في المنطقة أو لبنان، كانوا مخدوعين بحزب الله وإيران، وذلك بفضل شعارات واهية سخرت لها ماكينة إعلامية مضللة، ودول عربية ذات رؤى ضيقة، تشاركها في ذلك أحزاب انتفاعية، سواء إسلامية أو خلافه، وبالتالي فإن هذه الزيارة ستساعد على تمييز المواقف بوضوح.

وعندما نقول إن بيننا مخدوعين فتلك حقيقة، والدليل حجم الصدمة التي أصابت العالم العربي، وقبله لبنان، يوم احتل حزب الله الشق السني من بيروت، ونفس الصدمة يوم خرج نصر الله مهاجما لمصر، وحين خرج أيضا يفاخر بكونه فردا في حزب الولي الفقيه، ولا أنسى يومها ما قاله لي مسؤول إيراني سابق، ومؤثر إلى اليوم، حين زارني في مكتبي وأمسك بعدد صحيفة «الشرق الأوسط» (27 مايو 2008) مشيرا إلى عنوان يقول «حسن نصر الله: أفتخر أن أكون فردا في حزب ولاية الفقيه العادل العالم الحكيم الشجاع الصادق المخلص». يومها قال لي ضيفي: «لقد أوقعتموه في الفخ.. إنها غلطة العمر لنصر الله»!

ولذا، فإن كثيرا في منطقتنا، دولا وأفرادا، يحتاجون أحيانا إلى بعض الصدمات ليشعروا بما يحاك ضدهم، وزيارة نجاد هي إحدى تلك الصدمات المفيدة. فمن شأنها أن تساعد اللبنانيين والعرب على الرؤية الواضحة ليتمكنوا من تمييز الخطر الذي يمثله حزب الله على لبنان من خلال تبعيته لإيران، كما أن من شأن الزيارة أن تساعد اللبنانيين، وتحديدا عقلاء الشيعة، لتشريع أبواب النقاش حول خطورة اختطاف لبنان من قبل إيران.

ملخص القول أن زيارة نجاد للبنان جعلت اللعب على المكشوف، وهذا أمر جيد، ومفيد!

[email protected]