هل نوبل محفوظ بيضة الديك؟

TT

حالنا مع نوبل للآداب كحال الشاعر بشار بن برد، الذي زارته حبيبته مرة ثم أوغلت في بعدها وجفائها، فقال يستعطفها ويتودد إليها:

قد زرتنا مرة في الدهر واحدة

ثني ولا تجعليها بيضة الديك!

والديك لا يبيض، ولكن ثمة من يزعم - مخالفا بذلك كل قوانين الطبيعة - أن الديك يبيض مرة واحدة في العمر.. لا علينا من بيضة الديك، ودعونا ننتقل إلى البيضة «النوبلية» التي زارتنا مرة في الدهر واحدة في عام 1988، حينما حصل عليها الأديب الكبير نجيب محفوظ، ثم جفتنا بعد ذلك، فشرقت وغربت، فمات من مات من الحالمين بها، ويئس من يئس. انتظرها طه حسين، ويوسف إدريس، والطيب صالح، أن تدق أبوابهم دون جدوى، وروج أنصار أدونيس لفكرة استحقاق زعيمهم لها، فذابت صرختهم في المدى، ومرت الأعوام، ولم ينجح أحد، مع أننا نعتقد، كعرب، أنه ليس لنا ثمة بضاعة تميزنا غير الشعر، فمنذ آلاف السنين، والشعر خبز العرب، وهواؤهم، وغناؤهم، وعلى الرغم من هذا ظللنا على مقاعد المتفرجين، أو بعبارة أكثر من دقة «من المتابعين من منازلهم» لحفلات توزيع جوائز نوبل في الأدب، واكتفينا بترديد: إن معايير الفوز بالجائزة ليست مجردة من الأهواء السياسية، وأن البعد السياسي في نيل الجائزة أكثر حسما من البعد الثقافي، حتى ليقال إن الأديب الفرنسي أندريه جيد، الحائز على جائزة نوبل تمنى لو أن طه حسين، هو الفائز بالجائزة، باعتباره - وفق رأيه - الأجدر بها.

وفي شهر أكتوبر (تشرين الأول) من كل عام تتكرر الأحزان العربية عند إعلان الجائزة، فالعرب - كما وصفهم أكاديمي وشاعر تونسي يعيش في المهجر - ينامون كل سنة حالمين بالجائزة مثل طفل صغير ينتظر بابا نويل ليأتيه بالهدايا. وفي رأيي أن على الأدباء العرب أن لا يغرقوا في التفاؤل بنوبل، فيهرولوا إلى تفصيل نتاجهم وفق مقاييسه ومعاييره، وعليهم أن يدركوا أن لهذه الجائزة سيكولوجية حسناء «مازوخية»، تهرب من «اللي شاريها»، وتلاحق من لا يلاحقها، وكانت هذه حالها مع نجيب محفوظ، وجل الذين حصلوا عليها من قبل، إذ أداروا لها ظهورهم فوجدوها أمامهم.

وكل نوبل ونحن في انتظار أن يبيض الديك بيضته الثانية.

[email protected]