ليو شياوبو وجائزة نوبل وأنصاره

TT

مرة أخرى، اختارت اللجنة المسؤولة عن جائزة نوبل للسلام منح الجائزة إلى معارض يعاني منذ وقت طويل داخل نظام حاكم لا يسمح بأي معارضة. ومرة أخرى، أثنى ذوو الفكر السليم في مختلف أنحاء العالم، ومن بينهم الرئيس الأمريكي باراك أوباما، الحاصل على جائزة نوبل للسلام العام الماضي، على اللجنة بسبب خيارها المثير. ومرة أخرى، يأمل نشطاء أن تحدث الجائزة فارقا بالنسبة إلى المعارض وإلى الحركة الديمقراطية داخل بلده ولقضية حقوق الإنسان. ومرة أخرى، سيكونون مخطئين.

المعارض الذي اختير هذا العام هو ليو شياوبو. وتقول اللجنة إن ليو «أبرز رمز» للنضال من أجل حقوق الإنسان داخل الصين، فهو المؤلف الرئيسي لـ«ميثاق 08»، وشخص بارز في حركة الديمقراطية الصينية منذ عمليات القتل في ساحة تيانانمن عام 1989، وتعرض ليو للسجن أكثر من مرة. وقد كان لالتزامه بمبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان تكلفة شخصية كبيرة. ولذا، فهو يستحق إعجابنا واعترافا دوليا بالتضحيات والإنجازات التي حققها.

ولكن، هل كان يريد جائزة نوبل؟ وهل كان يريد الناشطون المدافعون عن الديمقراطية وحقوق الإنسان داخل الصين له أن يحصل عليها؟ بالتأكيد، تعتقد منظمة العفو الدولية ذلك، وقال نائب مدير المنظمة لمنطقة آسيا والمحيط الهادي كاثرين بابر: «يستحق ليو شياوبو جائزة نوبل للسلام». وأضافت: «نأمل أن تبقى ضوءا على النضال من أجل الحريات الأساسية وحماية حقوق الإنسان، التي كرس ليو مع الكثير من الناشطين الآخرين في الصين، أنفسهم لها».

ومن بين آخرين كثر يوافقون على ذلك، حكومات دول أوروبية كبرى، ورئيسا المفوضية الأوروبية والبرلمان الأوروبي ورئيس منظمة «فريدوم هاوس». وتأمل زوجة ليو أن تساعد هذه الجائزة على إطلاق سراح زوجها من السجن.

ولكن، لا يوجد ما يبرر هذا النوع من الحماس تجاه جائزة العام الحالي، فإعطاء جائزة نوبل للسلام إلى شخص مثل ليو لا يعد حدثا نادرا. وفي معرض بحثي عن الجائزة، وجدت أن منح جوائز بهدف تعزيز مقدار أكبر من الحرية داخل أنظمة حاكمة قمعية يكثر بصورة متزايدة منذ منتصف السبعينات. وفي الفترة من 1901 وحتى 1975، منحت جائزة نوبل للسلام ثلاث مرات لهذا الغرض. ولكن منذ 1976 حدث ذلك 10 مرات.

ولكن، مما يؤسف له أن الإحصاء في هذه الحالات ليس مشجعا بالقدر الكافي، فالأنظمة الاستبدادية تهتم بالمحافظة على قبضتها على السلطة أكثر من إرضاء المجتمع الدولي. وعلى الرغم من أن بيان لجنة الجائزة عتب على الصينيين قائلا: إن «وضعية الصين الجديدة» كقوة عالمية «تستلزم مسؤولية أكبر» لسلوكها في الداخل، فإنه من غير المحتمل أن تلتزم بكين بذلك. وفي الأغلب تبدو الأنظمة الاستبدادية وكأنها تخشى الجائزة، مما يدفعها إلى الهجوم عليها. ولم تكن الصين النظام الوحيد الذي يهدد بتبعات ضد النرويج، لأنها منحت الجائزة إلى «مخرب».

وعلى الرغم من أن النشطاء المحليين يشعرون عادة بالرضا لاهتمام لجنة نوبل، وفي بعض الأحيان يكثرون من نشاطاتهم الاحتجاجية، فإن رد الفعل هذا غير حكيم. ففي الماضي، كانت الدول القوية والمضغوطة تتخذ إجراءات أشد على المعارضة الداخلية في أعقاب منح جائزة نوبل للسلام، بدلا من الإذعان للجنة نوبل.

وهذا هو الدرس المستخلص من منح الجائزة إلى الدالاي لاما من التيبت (عام 1989)، وأونغ سان سو كيي من بورما (1991)، وشيرين عبادي الإيرانية (2003). وبالطبع فإنه لا يمكن أن تسوء الأوضاع أكثر بالنسبة لليو، الذي يقضي بالفعل حكما بالسجن 11 عاما. ولكنها يمكن أن تسوء بالنسبة إلى الحركة الديمقراطية الصينية المحاصرة.

ربما يرفض الواقعيون جائزة نوبل للسلام كجائزة لا تقدم شيئا سوى إسعاد قلوب الخيرين الليبراليين. وهذا شيء حقيقي في الكثير من الأحيان. ولكن ذوي النوايا الحسنة داخل لجنة جائزة نوبل كرسوا أنفسهم خلال العقود الثلاثة الماضية لتعزيز التغيير داخل الأنظمة الاستبدادية. وفي هذه الحالات، تصبح جائزة نوبل بالفعل شيئا مناسبا.

أجمل التهاني يا ليو. وليحترس الفائز.

* أستاذ العلوم السياسية المشارك بجامعة مينيسوتا

** خدمة «واشنطن بوست»