محمد التابعي.. وأعتذر

TT

ارتكبت في زاوية «هرم من ورق البردي» خطأين. أحدهما مكرر، ولذا لا يغتفر. فقد جعلت من سلامة موسى، موسى سلامة. وأما الكاتب والمعلم محمد التابعي، فقد جعلته، بإصرار ولكن دون أي تصميم، أحمد التابعي. وقبل أشهر أشرت إلى هذا المعلم في مقال افتتاحي في «النهار» أيضا باسم أحمد. يومها اتصل بي سفير مصر السابق، الأستاذ حسين ضرار، يلفت نظري إلى الخطأ، قائلا: «هوه في برضو أحمد التابعي». واعتذرت، لكنني قلت له إن اسم النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) ورد في القرآن الكريم «أحمد».

أما في المرة الثانية فقد نبهني إلى الخطأين قارئ عزيز من مصر أيضا. وعذري، غير مقبول، أننا نميل إلى نسيان الأسماء الأولى لذوي الهامات. وقد اعتدنا قول «التابعي» و«العقاد»، و«الزيات». وفي المقابل هناك من اشتهر باسمه الأول ونسي الناس اسم عائلته، فمن خطر له مثلا، أن يلحق اسم العائلة باسم أم كلثوم، أو من كان لا يعرف أن «عبد الحليم» هو عبد الحليم حافظ. لكن لسبب سماعي لم ندرج على استخدام الاسم الأول أو الأخير من طه حسين منفردا وإنما دائما متلازمين. وكذلك الأمر مع «أحمد رامي» الذي لما ماتت سيدته وستنا أم كلثوم قرر أن يضرب عن الحياة، فاعتزل واستوحد ونفى نفسه في داخله حتى مات.

على أننا في عالم الصحافة نشعر أننا قد نهين موقع التابعي إذا أصررنا على التعريف به بحشر الاسم الأول. هكذا عرفناه من كتابات الأساتذة الآخرين في الصحافة المصرية. فقد شعر جيل طويل من الكبار أنه تتلمذ عليه، سواء عن قرب أو عن بعد. وفي مرحلة ما كانت الصحافة المصرية كلها وكأنها كتبت بقلم التابعي وأسلوبه. وأستَدركُ بالقول إنها كتبت بريشته. فالتابعي كان يستخدم ريشة من جناح طير يكتب بها. لأنه كان يغرد أكثر مما يكتب. وكان يبدو دائما على عجل، من غصن إلى غصن. وحتى عندما يكتب في السياسة أو في الغضب، كان يفعل ذلك بريشة العصافير المغردة. في أي حال، أعتذر من ذلك المعلم. وأعتذر من المفكر وجوّال وجوّاب الآفاق، سلامة موسى. وكم كان جيلنا على حظ في الحياة لأن هؤلاء السادة كانوا كتابه وأدلته في الحياة السياسية والاجتماعية. كان كل واحد يكتب ويفكر وكأن قلمه منصب ومسؤولية. وكانوا يدركون مدى ما يتأثر الناس بهم وبخطابهم ووعي ضمائرهم. أحمد أو محمد، ماذا يهم ما دام المقصود هو التابعي.