من بيروت إلى طهران.. «خوش آمديد»

TT

انتزعت إيران قصب السبق في تصدر لائحة الدول القامعة للصحافيين وباتت «أكبر سجن للصحافيين في الشرق الأوسط» بحسب منظمة «مراسلون بلا حدود».

المتابع للأحكام القضائية الإيرانية الأخيرة، وتحديدا الحكم بالسجن 19 عاما على المدون الإيراني الأشهر حسين ديرخشان، بتهمة التعاون مع «دول عدوة» و«القيام بدعاية ضد النظام الإسلامي»، يلحظ حجم الخطورة التي يواجهها الإيرانيون اليوم.

لا يكاد يمر أسبوع في إيران من دون ورود أنباء وأخبار من نوع توقيف صحافيين أو طردهم أو سجنهم، كما حدث في احتجاز شخصين بتهمة إجراء مقابلة مع نجل سيدة إيرانية كان قد صدر حكم بإعدامها رجما لكنه عُلّق في أعقاب حملة استنكار دولية.

ويبدو أن الحكم على «ديرخشان» المعروف بـ«كبير المدونين» في إيران تنبيه واضح إلى أن السلطة لن تتردد في اللجوء إلى أقسى الأحكام حيال معارضيها من سياسيين وصحافيين ومثقفين، وهذا يحدث من دون الالتفات إلى احتجاجات هنا واعتصامات هناك، وأخبار إعدام المعارضين تتكرر دون اكتراث.

في منطقتنا، لا تزال القوانين الراعية والضابطة للإنترنت ضعيفة؛ إن لم تكن غائبة، لكن النظام الإيراني استدرك «الخطر» الذي قد يمس سلطته وقدرته على الضبط، فأكثر من الحديث عن «المؤامرة» و«الخطر الخارجي». وهذه استخدامات لغوية دعائية تكثر الأنظمة من تردادها لدى نيتها اللجوء إلى اتخاذ قرارات قمعية وضابطة، فلطالما وصف الحرس الثوري الإيراني شبكة الإنترنت بأنها «أداة استعمارية».

لم تتردد السلطات الإيرانية في فرض قوانين تحد كثيرا من النشاط الإلكتروني على الشبكة العنكبوتية فمررت عام 2008 قانونا يفرض أحكاما قاسية تصل إلى حد الإعدام في «جرائم الإنترنت». ولا شك في أن الحكم على «ديرخشان» ضربة قوية للمدونات الإيرانية التي يقف «ديرخشان» وراء تطويرها، خاصة حين نشر تعليمات تقنية محددة عام 2001 تساعد في إنشاء مدونات باللغة الفارسية. لكن على الرغم من كل إجراءات السلطات في وقف مواقع وسجن صحافيين، فإن حضور المعارضة الإيرانية يزيد قوة عبر الإنترنت.

الناظر اليوم إلى الواقع الإلكتروني في المنطقة، سيلحظ هذا الميل المتزايد نحو الرغبة في ضبط الإنترنت في أكثر من دولة ومكان، وإن حازت إيران الصدارة.

إنها جبهة حرب ضارية وشرسة.

الرئيس الإيراني والراعي مباشرة لما يجري، أحمدي نجاد، يزور هذه الأيام لبنان.

المتجول على مداخل المطار وفي الجنوب والمتابع لتفاصيل الزيارة، سيقف طويلا أمام اليافطات العملاقة والأعلام الكثيرة ولوائح الترحيب التي ترفع عبارة «أهلا وسهلا» أو «خوش آمديد» بالفارسية على امتداد الطرقات التي سيسلكها خلال زيارته. الناظر لتلك الحفاوة المفروضة قسرا بفعل الغلبة لا بفعل القناعة، لن يفوته، ربما، التساؤل عن أخلاقية الاحتفاء بالقيم التي يمثلها ويبشرنا بها أحمدي نجاد، وهي قيم دفع لبنانيون وإيرانيون أثمانا فادحة في سبيلها وهو لا يزال يبشّر بالمزيد.

diana@ asharqalawsat.com