لنترك الأحلام.. لا يمكن محو حزب العمال الكردستاني بهذه الطريقة

TT

في بعض الأحيان، يكثر الكلام عن محو حزب العمال الكردستاني، الخارج على القانون.

ولكن نحن مَن خلق بعض هذه الأخبار. وبناء على زيارات وكلمات لوزراء ولرئيس الوزراء أو حوارات خاصة لمسؤولين حكوميين، نجد أن بعضا من هذه الأخبار صحيح، والبعض الآخر من وحي الخيال ليس أكثر. نعكف على صياغة سيناريو، وعلى الرغم من أننا نعرف أنه مجرد سيناريو نبدأ في تصديقه. وبمرور الوقت، نذهب إلى ما هو أبعد ونبدأ مع تفسير السيناريو الخاص بنا.

ويكمن الجزء الخطير والدرامي وسط ذلك في أن ساستنا ورجال الشرطة والجيش يعتقدون أيضا أنه يمكن التخلص من حزب العمال الكردستاني بهذه الطريقة. واستخدم النهج نفسه على مدار أعوام ولم يحقق نجاحا، ومع ذلك استمروا في استخدامه، بغض النظر عن أي شيء آخر.

يعلم الموطنون الأتراك أنه إن شاء بارزاني، فإنه يمكنه سحب حزب العمال الكردستاني بسهولة من قنديل. ولا يوجد مَن يقول: «لا، لا يستطيع بارزاني القيام بذلك. هذه مجرد محاولة بلا جدوى».

ويعتقد الشعب التركي أنه إذا غضضنا الطرف عن رحيل القيادة العليا إلى سويسرا أو أي دولة أخرى، وإذا عملنا مع سورية وبغداد وإيران فإننا سنتم هذا الأمر. ولا يوجد مَن يتقدم ليقول: «لا، لن يفلح هذا أيضا».

فضلا، لنرى الحقيقة ونقبلها.

لدى حزب العمال الكردستاني موارد مالية جيدة تنظم بصورة جيدة داخل أوروبا ويتحول ببطء من منظمة إرهابية إلى شركة أو مؤسسة دولية أو حتى حزب سياسي دولي يستخدم الإرهاب كوسيلة تكتيكية من حين لآخر.

ولا يجب الاستهانة بحزب العمال الكردستاني؛ فلدى الحزب ممثلون سياسيون في كل دولة تقريبا. وبالإضافة إلى ذلك فلديه وسائل إعلامية تعمل بصورة جيدة، والأكثر أهمية أن لديه حزبيين لم يترددوا يوما في تقديم الدعم.

ولا يمكن التخلص من حزب العمال الكردستاني باستخدام وسائل عسكرية خلال مدى زمني قصير. ربما يقل حجمه أو يدفعه ذلك إلى أن يضع أسلحته أو توفير حياة عادية لأغلبية الأفراد العائدين إلى منازلهم. ولهذا شرط واحد فقط مسبق. باتخاذ الاحتياطات التي ترضي الأكراد. وكي لا يحدث سوء فهم، اسمحوا لي أن أكرر.. المنظمات مثل حزب العمال الكردستاني لا يمكن إزالتها بصورة كاملة. ولكن، يمكن تقليل حجمها، وإجبارها على أن تضع أسلحتها أو إبعادها عن العمل الإرهابي.

علينا أن ندرك أنه من خلال تعزيز الاحتياطات العسكرية أو قتل المزيد من أعضاء حزب العمال الكردستاني، فلن يمكننا وقفهم عن عملهم. النقطة الحساسة هنا هي الشباب الذين يغادرون إلى الجبال والآلاف الذين يخرجون إلى الشوارع بمجرد أن تصلهم مجرد إشارة. عندما يتوقف ذلك، سينتهي الأمر تماما.

ولن يفلح هذا الأمر من خلال اتخاذ إجراءات شجاعة فيما يتعلق بالقضية الكردية. وبصورة عامة فقد أعطى الشعب التركي تزكية للكفاح ضد الإرهاب. ودائما ما كان يتصرف بعقلية «لنطفئ جذوة حزب العمال الكردستاني، وبعد ذلك نتخذ خطوات فيما يتعلق بالقضية الكردية، وإلا سيكون ذلك نوعا من الاستسلام». وعلاوة على ذلك، دائما ما يكون النضال باستخدام السلاح أسهل من العمل السياسي، إذ يجعلك تحظى بشعبية، لأنه يزكي الروح القومية. ولا يجعلك تخسر أصواتا. إنه نوع من الكفاح دون مخاطرة.

ولكن من الواضح أن هذا النهج لم يعد يحقق النتيجة المتوقعة. وقد حان الوقت كي نتخذ خطوات شجاعة من أجل حل القضية التركية، حيث إن هذا النهج يتحول إلى أسلوب سياسي يحمل المزيد من المخاطر. لقد حان الوقت لكي نتخذ احتياطات من أجل تغيير حياة هؤلاء الذين يدعمون حزب العمال الكردستاني. لقد حان الوقت من أجل توفير بيئة للمواطنين الشباب ليتعلموا أو يبحثوا عن عمل بدلا من أن يغادروا إلى الجبال. لقد حان الوقت لكي نجعل أنصار حزب العمال الكردستاني يشعرون بأنهم بين أهل هذه الدولة، كما هي الحال مع الأتراك. لقد حان الوقت كي نُري المواطنين ذوي الأصل الكردي أن الساحة السياسية مفتوحة أمامهم.

وبغض النظر عن أي شيء، يجب أن نتوقف عن تجاهل تأثير رئيس حزب العمال الكردستاني المسجون عبد الله أوغلان. لا يمكن حل القضية بالكامل على المدى القصير. ومن المستحيل أيضا تلبية جميع مطالبهم. ولكن نحتاج إلى اتخاذ خطوات تظهر للمواطنين ذوي الأصل الكردي أن ثمة شيئا بدأ يتغير، وأنه لا حاجة إلى إرهاب حزب العمال الكردستاني بعد الآن.

هذا هو النهج اللازم، محو حزب العمال الكردستاني ببطء. وبمجرد أن يروا هذا يتغير، سيدركون أنه حان الوقت لوضع السلاح وإنهاء الإرهاب وبدأ العمل السياسي.

هذا هو النهج اللازم. وقد حان الوقت كي نتوقف عن خداع أنفسنا.

* بالاتفاق مع صحيفة «حرييت ديلي نيوز» التركية