هل ينجح «ليفي».. حيث فشل ليفي؟

TT

كانت «دافوس» أولا، ثم جاءت أزمة أسطول الحرية لتطيح تماما بمسار العلاقات التركية - الإسرائيلية الإيجابي، وتقودها نحو المجهول الذي سيكلف الطرفين ثمنا باهظا دون أدنى شك.

كان كثير من المتابعين يراهنون على «قضاء وقدر» يجمع الرئيس التركي عبد الله غل والرئيس الإسرائيلي شيمعون بيريس، على هامش اجتماعات الأمم المتحدة في نيويورك مؤخرا، لا بل إن الإعلام الإسرائيلي تمسك بهذه الفكرة وردد أن الأتراك هم الذين اقترحوها وطلبوا هذا اللقاء، فجاء رد غل قاسيا من على منصة الأمم المتحدة: «لا عودة للحوار مع الإسرائيليين إلا بعد الاستجابة لمطالبنا في الاعتذار والتعويض وقبول الحوار الجدي لإنهاء أزمة الفلسطينيين ومعاناتهم». هم كانوا يعدون لإيقاع الرئيس التركي في الفخ، فوقف يتساءل أمام المجتمع الدولي: «أي إسرائيل هذه التي تسمح لنفسها بالتصرف على هذا النحو؟». قبل أيام رفضت أنقرة عبور شحنات عسكرية من أذربيجان كانت تنوي إسرائيل تمريرها عبر أراضيها، وهو مؤشر آخر على حجم التوتر والتراجع في العلاقات.

واشنطن أيضا التي سعت منذ أسابيع للملمة صورة إسرائيل المبعثرة على مدخل مبنى رئاسة الوزراء التركي في أنقرة، تعرف أنها ستفشل دائما، إذا ما لم تتراجع عن خيار الوقوف إلى جانب إسرائيل «على العمياني» كما يقول المثل العربي. فتصويتها اليتيم مؤخرا إلى جانب إسرائيل رغم كل الإجماع والدعم في مجلس حقوق الإنسان الأممي، فاجأ الأتراك وأزعجهم، كما قال وزير الخارجية التركي داود أوغلو. لكن أنقرة تعرف أيضا أن تدهور علاقاتها مع إسرائيل يعني تدهورها وتأزمها مع واشنطن أيضا، وأن اللوبي اليهودي في الولايات المتحدة سينتقم لنفسه بشكل أو بآخر من الحكومة التركية التي لا تهادن وتتراجع. وهي تعرف أيضا أن إدارة أوباما لا خيار آخر أمامها سوى الوقوف إلى جانب نتنياهو إذا ما كانت تريد البقاء لحقبة جديدة في البيت الأبيض. واشنطن تنصح تركيا بإعادة إرسال السفير التركي إلى تل أبيب والتخلي عن التصعيد والعناد، لكنها غير مستعدة لإحراج نتنياهو وحكومته وإقناعهما بالتعامل بجدية مع المطالب التركية وقبول تحمل فعلتهما في أعالي البحار.

غابي ليفي سفير إسرائيل في تركيا، تحدثنا عنه أكثر من مرة، ردد دائما أنه يفتخر بأصله التركي وأن الحكومة الإسرائيلية أرسلته إلى أنقرة لتعزيز العلاقات وتوسيع رقعة التعاون، لكن الفشل والخيبة كانا بالمرصاد له في كل خطوة وتحرك. ورط نفسه في أكثر من أزمة بسبب تنقلاته ومواقفه وتصريحاته التي أزعجت الأتراك إلى أبعد الحدود، فباتت العلاقات في عهده في أسوأ ظروفها. وكانت آخر صفعة تلقاها عندما استثناه رجب طيب أردوغان من دعوة الإفطار التي أقامها حزب العدالة والتنمية على شرف رؤساء البعثات الدبلوماسية العاملة في تركيا.

السفير ليفي يعاني في هذه الأيام من مأزق جديد هو دخول منافس جديد له ظهر على خشبة المسرح التركي قبل أيام وأصبح مركز اهتمام وسائل الإعلام التركية تتحدث عنه مطولا وتنقل بالتفاصيل كل ما تصل إليه من معلومات حوله. نجمنا الجديد هذا هو الفيل «ليفي» البالغ من العمر 5 سنوات أهدته إسرائيل هو وأنثاه إلى حديقة الحيوانات في مدينة غازي عنتاب الجنوبية ضمن مجموعة من الحيوانات الأخرى، على طريق تحسين العلاقات وفتح صفحة جديدة باسم الصداقة والتقارب.

السؤال الذي يتطلب الإجابة، ولا بد من انتظار بعض الوقت للرد عليه هو بالتأكيد معرفة ما إذا كان سفير السلام الإسرائيلي الجديد الفيل «ليفي» سينجح في مهمته شبه المستحيلة هذه، بعدما فشل السفير ليفي في ذلك، رغم سنوات من الجهد والعمل والتخطيط؟