والآن (س + س + إ)

TT

انفض مولد زيارة أحمدي نجاد للبنان، ورأينا كيف أن ضيف حزب الله لم يلق حجرا على إسرائيل، ولم يزر بوابة فاطمة، بل لم يقل نجاد شيئا جديدا، إلا دفاعه عن حزب الله أمام استحقاقات محكمة الحريري، حيث تحدث بشكل حذر حين اعتبر أن حيثياتها ما هي إلا أخبار ملفقة «لتوجيه الاتهامات إلى بقية الأصدقاء سعيا للوصول إلى مرام باطلة عبر زرع بذور التشرذم». واللافت أن نجاد تحدث واصفا الشهيد الحريري بـ«الصديق العزيز»، ولا نعلم متى كانت هذه الصداقة، خصوصا أن الحريري قد اغتيل قبل 5 سنوات ونجاد للتو يكمل خمس سنوات في الحكم.

وعليه، فإن القراءة الأولية تقول إن نجاد هرع للبنان ردا على الزيارة التاريخية التي قام بها كل من العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز والرئيس السوري بشار الأسد للبنان على متن طائرة واحدة. وبالتالي، فإن الإيرانيين الذين من الواضح أنهم قد ضاقوا ذرعا بالتصرفات السورية، بل وأكثر، ولذلك مقال آخر، قرروا أن يأتوا علنا هذه المرة، ووحدهم، لنجدة نصر الله أمام استحقاقات محكمة الحريري الداخلية. وهذا ما يظهره خطاب نجاد في ضاحية بيروت الجنوبية، وهنا من المهم أن نتذكر الدهشة التي بدت على وجه حسن نصر الله يوم خرج بخطابه الشهير قائلا «لقد برأوا سورية» لنفهم القلق الإيراني على الحزب اليوم.

وبالطبع، فإن حزب الله قد قام برد التحية بأحسن منها لنجاد حين نظم له استقبالا شعبيا لا يمكن أن يجده نجاد في إيران، ليقول الحزب إن لإيران امتدادا شعبيا كبيرا في لبنان، وكم كانت لافتة تلك الصورة التي علقت في بلدة قانا وعليها صور كل من الخميني وخامنئي ونجاد وحسن نصر الله ونبيه بري وموسى الصدر، ومصطفى شمران، وهذا وحده قصة، فهو أول وزير دفاع إيراني في عهد الثورة الخمينية، وكان مساعدا للصدر في تأسيس حركة أمل، ولقي حتفه على يد القوات العراقية في حرب الخليج الأولى بين العراق وإيران، وكتب على تلك اللوحة «من لبنان إلى إيران.. مصير واحد»!

وبالتالي، فإن زيارة نجاد تكون قد ألغت مقولة نبيه بري الشهيرة: إن أوضاع لبنان لا تصلح إلا بمعادلة (س+س) أي السعودية وسورية. لذا، فإننا الآن أمام (س+س+إ) أي السعودية وسورية وإيران، حيث أحضر نصر الله كفيله الإيراني ليشكل له حماية داخلية من خطر محكمة الحريري، مما يقلص من الدور السوري في لبنان بالطبع، ولذا سمعنا نصر الله وهو يمجد بإيران ودورها الإلهي، والولي الفقيه.

وإذا صحت هذه القراءة، وهذا ما سيظهر قريبا، فهذا يعني أن طاولة السلم اللبناني ستكون على ثلاثة أرجل، وهذا يعني أنها لن تصمد طويلا، حيث اتضح الفرز الطائفي في لبنان، وكل ما سبق يعني تعقيد الأوضاع في لبنان، كما يعني أن إيران قد قررت أن تعمل في لبنان بشكل علني وليس من وراء حجاب، ويكفي أن نتنبه إلى أن لقاء نصر الله بنجاد قد تم في السفارة الإيرانية، أي إن نصر الله قد جاء للقاء نجاد مثله مثل أي واحد من رعايا إيران في لبنان!

[email protected]