خطط إنقاذ لم تحظ بالإشادة

TT

التكرار المستمر للخطاب المعادي للحكومة في الغرف السياسية منع الأميركيين من ملاحظة حقيقة هامة وربما مثيرة للدهشة: لقد عشنا للتو واحدة من أكثر نجاحات التدخل الحكومي في العصر الحديث - وهي خطط إنقاذ قطاعي السيارات والمصارف التي أنقذت الولايات المتحدة تقريبا من كساد كبير آخر.

الوضع الراهن للاقتصاد، بالتأكيد، ليس جيدا، خاصة مع استمرار معدل البطالة عند 9.6 في المائة. ولهذا السبب فإن الرئيس أوباما كان على حق هذا الأسبوع عندما جدد دعوته إلى استثمار 50 مليار دولار لخلق وظائف جديدة، في الوقت الحاضر وفي المستقبل، عن طريق إصلاح البنية التحتية لقطاع النقل في البلاد.

ولكن في مواجهة عاصفة المشاعر المناهضة للإدارة الحالية، حيث أي ذكر لخطط «التحفيز» و«الإنقاذ» الحكومي يتبعه انتقاد، فإن خطة إصلاح البنية التحتية لقطاع النقل للأسف ليس لها أي فرصة في النجاح. وهذا يعني أن مجلس الاحتياطي الاتحادي سوف يضطر إلى استخدام أدواته الأقل فعالية لتحفيز الاقتصاد.

ما الذي يفسر الغضب العام تجاه واشنطن؟ إنه شيء واحد وهو انتقاد الحكومة عندما تفشل في تحقيق أهدافها، ولكن تجاهل الإنجازات التي حققتها الحكومة في أوقات الأزمات نوع من الغباء المتعمد.

وخصوصا كما هو الحال في خطط إنقاذ قطاعي السيارات والمصارف، حيث قامت الحكومة بإنقاذ شركات خاصة عرضت ممارستها البلاد للخطر.

البداية الجيدة عند الحديث حول ما يتعين على الحكومة أن تقوم به في وقت الأزمة هو كتاب جديد بعنوان «المراجعة الشاملة» الذي كتبه ستيفن راتنر (قيصر صناعة السيارات) الذي قاد الفريق الذي نفذ خطة إنقاذ شركتي «جنرال موتورز» و«كرايسلر»، والتي بلغت تكلفتها 82 مليار دولار. وينبغي أن أوضح للقارئ أن راتنر هو صديق لي، ويذكرني بالفضل في مقدمة كتابه وكنت واحدا من المدعوين لحفل صدور كتابه.

كما يحكي راتنر قصة قطاع السيارات، فهي تحمل نفس الدرس الأساسي لخطة إنقاذ القطاع المالي: شركات خاصة اتخذت قرارات خاطئة وضعت الاقتصاد الأميركي في خطر، وفي المقابل اتخذت الحكومة قرارات جيدة (على الرغم من أنها لا تحظى بشعبية سياسية) للإبقاء على هذه الشركات ومساعدتها على الوقوف مرة أخرى، خوفا من أن انهيارها سوف يعني مشكلة أكبر بكثير.

وهنا نقطة لا يبدو أن أحدا في مجال السياسة أدركها: لقد نجحت تدخلات الحكومة وتم إنقاذ الشركات ومعظم الأموال التي استثمرها دافعو الضرائب في إنقاذ هذه الشركات من المرجح أنه سيتم استردادها. لكن يتحدث كثير من السياسيين كما لو أن العملية برمتها كانت كارثة، لكنها لم تكن كذلك. فما حدث هو أن مؤسسات وشركات خاصة اتخذت قرارات خاطئة، ولكن المسؤولين الحكوميين قاموا بصورة عامة بالخطوات الصحيحة.

ويتوقع راتنر أن «وزارة الخزانة الأميركية سوف تسترد معظم، إن لم يكن كل، الـ82 مليار دولار التي دفعها دافعو الضرائب الأميركيون لإنقاذ قطاع السيارات».

ويقول راتنر: وحتى لو خسرت الحكومة في نهاية المطاف 20 مليار دولار، «فإن ذلك يبدو ثمنا ضئيلا لتفادي كارثة اقتصادية كبرى كانت ستضرب قطاع السيارات وتؤدي بالاقتصاد الوطني إلى الانتقال من ركود عميق إلى كساد مباشر». ويرى راتنر أنه منذ إعادة الهيكلة القسرية لشركتي «جنرال موتورز» و«كرايسلر» العام الماضي، فإن صناعة السيارات وفرت 76000 وظيفة جديدة.

ويبدو من المرجح أن هناك قصة نجاح مماثلة مع معظم ما تبقى من الأموال التي استخدمت في برنامج إنقاذ الأصول المتعثرة. وهذا البرنامج الذي رافقته تسهيلات طارئة من مجلس الاحتياطي الفيدرالي، سمح بـ«عمل تدريجي» للنظام المالي الذي كان على وشك الانهيار. ويبدو أن معظم الأموال التي استثمرت في برنامج إنقاذ الأصول المتعثرة، سوف تسترد أيضا، بما في ذلك القروض المقدمة إلى شركة «أي آي جي» عملاق التأمين سيئة السمعة.

وواشنطن هي هذا الهدف السهل الذي ينسينا الأشرار الحقيقيين في هذه القصة وهم المصرفيون والمديرون التنفيذيون في شركات تصنيع السيارات الذين قادوا شركاتهم ومصارفهم نحو الكارثة. ويرسم راتنر صورة مدمرة، وخصوصا لـ«جنرال موتورز»، حيث يبدو أن كبار المسؤولين التنفيذيين «متوهمون أنه برغم الأدلة على التراجع لعقود، فإن الشركة لا تزال أكبر مصنع للسيارات على وجه الأرض». وإذا نظرنا إلى الوراء على تجربة لقطاعي السيارات والمصارف اللذين أشرفا على الانهيار، نكتشف أنه من الواضح أن نجاح خطط الإنقاذ كان ممكنا فقط لأن الكونغرس بدأ العمل خلال فترة انتقال الرئاسة وصوت لبرنامج إنقاذ الأصول المتعثرة الذي بلغت تكلفته 700 مليار دولار خلال شهري الأزمة: ديسمبر (كانون الأول) عام 2008 ويناير (كانون الثاني) عام 2009. ويحذر راتنر قائلا: «إذا لم يكن فريق العمل قادرا على العمل في ظل برنامج إنقاذ الأصول المتعثرة، لكنا تعرضنا لمواقف من الكونغرس لا نهاية لها، تشمل نقاشات وجدلا ووقوفا عند أدق التفاصيل وفي هذه الأثناء ستكون واحدة أو أكثر من الشركات المتعثرة قد أعلنت إفلاسها».

يجب على الرئيس أوباما والديمقراطيين عدم الخوف من هذا الأمر، فالحقيقة هي أن خطط إنقاذ قطاعي السيارات والمصارف التي نفذتها الحكومة كانت ناجحة وكانت شرطا ضروريا من أجل تحقيق الانتعاش الاقتصادي الذي يبدو أنه يتحقق ببطء. توقفوا عن الاعتذار؛ وابدأوا في تلقي الإشادة على سياستكم التي حققت نجاحا.

* خدمة «واشنطن بوست»