«أرامكو».. و«مسلسل التنغيص»!

TT

كانت لدينا شركتان لعبتا في الماضي دورا قياديا في تنمية المجتمع، وهما: «الخطوط السعودية» و«أرامكو»، والأولى خرجت من دائرة التميز، واضطربت، وترهلت، وفقدت خيرة رجالاتها، والثانية - أي «أرامكو» - تسير على المسار نفسه، ويتعرض شعور الانتماء لدى موظفيها إلى الكثير من الهزات بفعل تفنن بعض المتنفذين في الشركة في اختراع وسائل «التنغيص»، و«العكننة»، والمضايقات، حتى غدا الموظف يعيش دائما على حواف القلق، وفي مقدمة هذه الوسائل عرض التسريح «الباي أوت» أو «النقل»، وهنا يخير الموظف بين «الرمضاء» و«النار»، ومن هؤلاء الموظفين من لم يصل بعد إلى سنوات خدمة تؤهله للحصول على راتب تقاعدي من التأمينات الاجتماعية، فضلا عن تكبيله بتسديد قرض السكن الذي منحته إياه الشركة، ومن هؤلاء الموظفين من حصلوا على تقديرات أداء وظيفي مرتفعة خلال الأعوام الأخيرة الماضية.

وفي مقال بارز، كتبه الزميل عبد العزيز السويد، نشر مؤخرا بعنوان «أرامكو.. والباي باي أوت»، نقل عبره معاناة بعض موظفي الشركة المهددين بالنقل أو القبول بالعرض، واعتبر ذلك تحجيرا، لا يشير إلى وفاء من الشركة تجاه موظفيها، وأتمنى أن تجد سطور السويد، وتعليقات القراء عليها، طريقها إلى القيادة العليا في «أرامكو» لحماية موظفيها من تسلط البعض، قبل أن يفقد هؤلاء الموظفون ما تبقى من عوامل الانتماء النفسي إلى شركتهم، التي أخلصوا لها طويلا.

يحدث هذا التسريح بالنسبة للموظفين السعوديين، في الوقت الذي يتواصل فيه مسلسل تعاقد الشركة مع موظفين وافدين، ولا أعتقد أن جلهم يحملون من المؤهلات ما لا يحمله المواطن، ولو استمرت «أرامكو» على هذا النهج ستخدش الكثير من صورتها البراقة التي عملت على تشكيلها عبر السنوات الطوال في علاقتها بموظفيها ومجتمعها، فـ«أرامكو»، وهي الرائدة، ينبغي أن تظل القادرة على تقديم الصورة النموذجية للأسلوب الإداري الأمثل، لا أن تقلد غيرها من الشركات الأقل قيمة وأهمية في اختراع الوسائل لتسريح موظفيها، فلسنا في حاجة إلى المزيد من البطالة والبؤس والتعطل.

فهل تتدخل القيادة العليا في الشركة لإيقاف مسلسلات «التنغيص» بعد أن غدا موظفو الشركة وعائلاتهم يفتقرون إلى الاستقرار والأمان الوظيفي؟

[email protected]