روليت في طهران

TT

المعروف عن الدكتاتوريات ولعها بلعب القمار. هذا ما فعله نابليون وهتلر وموسوليني، وعبد الناصر وصدام حسين وسواهم في عالمنا العربي. أحمدي نجاد يقوم الآن بهذا الدور. إنه يضع كل ثروات إيران واقتصادها على طاولة الروليت. إذا فاز في اللعبة وحصل على قنبلته النووية وعلى موقع قدم على شاطئ البحر المتوسط وكسب لبلاده عوائد جيدة من مغامراته وتدخلاته المكلفة في العراق ولبنان والساحة الفلسطينية وغير ذلك من الجبهات الخارجية، فسيقف عملاقا في المنطقة ويفرض إرادته على الجميع داخلا وخارجا. سيضغط على دول الخليج لتفتح أبوابها للعمالة الأجنبية، أو بالأحرى عمليا لفيض من العمال الإيرانيين. ثم يطالب بمنحهم الجنسية بعد سنوات قليلة، حسب المتعارف عليه دوليا. وبعد ذلك ينتقل إلى المرحلة التالية، وهي المطالبة باسم الديمقراطية بإجراء انتخابات عامة تسفر عن تسليم الحكم للأكثرية. وهكذا تتحول دول الخليج إلى محميات إيرانية وتسيطر طهران كليا على أسواق النفط والغاز العالمية. لعبة روليت موفقة تدحض اعتراضات وتحديات الليبراليين ومخاوفهم من إيران وتضمن لأحمدي نجاد الحكم في طهران ما دام حيا، وربما حتى بعد موته، في حين سيخرج السيد مير حسين موسوي وأتباعه من دعاة الإصلاح بسواد الوجه، كما نقول في العراق.

ولكن إذا تدحرجت كرة الروليت ودارت بما لا يطيب لأحمدي نجاد وأنصاره، ولم تحصل إيران على قنبلتها النووية ولا أفلحت مغامراتها في الساحة العربية ولا جاءت بمردود وعوائد جيدة وذهبت كل استثماراتها سدى، وبهذا تكون عملية الفرسنة قد فشلت كليا، فسيخسر المقامرة ويخرج «القمرجي» من الكازينو فارغ الجيب، مكسور الخاطر، وتصبح إيران دولة مفلسة. التومان فقد في الآونة الأخيرة 30% من قيمته. سيرتفع مقدار السقوط عندئذ إلى ثلاثمائة في المائة ويلحق بمصير الدينار العراقي بعد مقامرة «قمرجي» سالف آخر، صدام حسين. قد يفعل الرئيس أحمدي نجاد ما يفعله كل «القمرجية» اليائسين في الأخير: يسلم مفتاح السيارة ودفتر الشيكات لمدير الكازينو ويغامر بكل ما عنده في آخر هدة، أي في مغامرة خارجية رهيبة تبوء هي الأخرى بالفشل على أكثر احتمال.

تنتهي اللعبة في حالة الخسارة بانتفاضة الأولاد في الحوش. يهب الجمهور الإيراني في ثورة إسلامية ثانية لإنقاذ ما يمكن إنقاذه. تنتهي اللعبة بخروج المقامر من الباب الذي خرج منه قبله مقامر طموح آخر. ومثله، يركب طائرته ويلحق بمصيره مشردا من ملجأ إلى ملجأ.

وحسب رأي زميلنا عطاء الله مهاجراني، يظهر أن إسرائيل تفضل بقاء أحمدي نجاد على صعود موسوي.. لماذا؟ أعتقد لأنها تميل إلى الاعتقاد بأنه سيخرج من هذه المقامرة خاسرا. والله أعلم. فسبحانه وتعالى هو الوحيد الذي يعلم أكثر من إسرائيل كل ما يجري في منطقتنا.