موضعان شعريان ذهبا مع الريح

TT

أعطيت جائزة سوق عكاظ هذا العام للشاعر شوقي بزيع، الذي قال إنه سوف يبني بقيمتها (80 ألف دولار) منزلا في قريته، جنوب لبنان. لكن أين كانت عكاظ الأولى، أشهر سوق عند العرب في الجاهلية وباب المعلقات السبع؟

النادي الأدبي في الرياض جمع في كتاب بعنوان «موقع عكاظ» ثلاث دراسات تحمل ثلاثة تواقيع أثيرة في معارف الجزيرة العربية: الشيخ حمد الجاسر، الشيخ محمد بن بليهد، والدكتور عبد الوهاب عزام سفير مصر في باكستان. ويقدم الدكتور عزام للكتاب بأنه نوى البحث عن موضع عكاظ بنفسه، وعرض الشيخ محمد بن بليهد أن يرافقه، وكذلك بحث مع الشيخ حمد الجاسر في الأمر. وإذ يقرأ المرء المطالعات الثلاث، لا يستطيع الوصول إلى استخلاص مؤكد للموقع. ولذلك ختم الشيخ الجاسر، بعدما عرض مختلف الأقوال والآراء، بأن «ترك للباحث أن يدرسها وأن يقارن بينها، وليرى أي الآراء أصوب وأي الأقوال أكثر انطباقا وأوضح دلالة في تحديد ذلك الموضع التاريخي، عكاظ».

قال محمد بن إسحاق: «كانت مجنَّة بمر الظهران، إلى جبل يقال له الأصفر، وكانت عكاظ فيما بين نخلة والطائف، وكان ذو المجاز ناحية عرفة إلى جانبها». وقال ابن هشام: «وكانت عكاظ في وسط أرض قيس عيلان». وقال محمد بن حبيب البغدادي: «وعكاظ بأعلى نجد، قريبا من عرفات».. ولكن أين أعلى نجد من عرفات؟ والغريب أن الذين جاءوا بعد ابن حبيب نقلوا كلامه بهذه الصورة، كالمرزوقي في كتاب «الأزمنة والأمكنة» وأبو عبيد البكري في كتاب «معجم ما استعجم».

وقال عرَّام بن الأصبغ السلمي: «وعكاظ صحراء مستوية ليس فيها جبل ولا علم، إلا ما كان من الأنصاب التي كانت في الجاهلية». وقال اليعقوبي: «سوق عكاظ بأعلى نجد، تقوم في ذي القعدة، وينزلها قريش وسائر العرب، إلا أن أكثرها مُضر». وقال الهمداني: «سراة الطائف غورها مكة ونجدها ديار هوازن من عكاظ الفتق».

وقال ياقوت الحموي: «العبلاء اسم علم لصخرة بيضاء إلى جنب عكاظ».

الغريب بعد كل هذا أن ليس عكاظ فقط قد غابت عن الخريطة وأصبحت «موضعا» يُبحث عنه، بل أيضا «زبقين» قرية الشاعر الفائز. فهي في الأساس قرية، أو مزرعة صغيرة، ناحية قانا، موقع المجزرة الإسرائيلية الفظيعة. وفي حرب يوليو (تموز) 2006 دمرها الإسرائيليون. والآن يحاول أهالي القرية إعادة إعمارها من جديد، فيما يريد شوقي بزيع أن يستغل المناسبة لكي يغير اسمها ويستبدل به اسما يليق بجمال التلة التي كانت قائمة عليها. وقد سأل الدكتور عبد العزيز خوجة أن يقترح عليه اسما، فقال له، أولا، أهنئك على فكرة تغيير الاسم في حد ذاتها. ثانيا، لماذا ليس «تلة الريح». أو «جبل الرياح»، ما دامت هذه علامتها.