بطالة في بلد الثمانية ملايين وافد!

TT

المطالبة بحد أدنى للأجور مطلب إنساني في ظل ارتفاع مستوى المعيشة، وتغول القطاع الخاص في استغلال حاجات الشباب للعمل بأدنى الأجور، حتى غدا لسان حال الكثير من الموظفين كحال الشاعر المصري عبد الحميد الديب الذي عاش حياته مشردا وفقيرا، لا عمل له ولا مأوى، وفي آخر حياته جاد عليه أحد الوزراء بوظيفة بسيطة في إحدى الإدارات، لكن دخل تلك الوظيفة لم يكفل للديب ضرورات الحياة، فقال:

«بالأمس كنت مشردا أهليا

واليوم صرت مشردا رسميا»

اليوم آلاف المعلمات الجامعيات في المدارس الأهلية يعملن برواتب خادمات، والآلاف من الشباب أجبرتهم نزعة الهروب من لقب عاطلين إلى القبول بأجور لا تكفل الحد الأدنى من العيش الكريم، ووزارة العمل تخشى سلطة «البازار»، وتتعامل معه بقفاز من حرير.

بالأمس وقفت احتراما لتعهد رجل أعمال بأن لا يوظف سعوديا بأقل من خمسة آلاف ريال، وأنه سوف يطبق ذلك في كل شركاته، كما سيسعى إلى تحقيق ذلك في الشركات المساهم بها، كاشفا بذلك عن نزعة إنسانية ووطنية تستحق التقدير، وكم أتمنى أن تمتد هذه المبادرة وتتسع لتشمل رجال أعمال آخرين، يستشعرون واجبهم تجاه شركائهم في الوطن، فلو أنصفنا الأجير لانحسر الفقر، وأمن المجتمع.

وكم أتمنى أن يحالف وزير العمل الجديد المهندس عادل فقيه التوفيق في إيقاف مسلسل الاستغلال الذي يمارسه القطاع الخاص على محتاجي العمل، وإيقاف سيل التأشيرات الذي يحول دون توطين الكثير من الوظائف، خاصة أن البلاد تستقبل كل عام آلاف الخريجين من الداخل والخارج. ولكي لا ينضم هؤلاء إلى نادي العاطلين، علينا تهيئة كل المجالات لاستيعابهم، ووفق أجور تكفل لهم حياة إنسانية كريمة، فبلد يضم أكثر من ثمانية ملايين وافد، جاؤوا للعمل وطلب الرزق لا يمكن بمختلف المعايير أن يكون لديه نحو مليون عاطل، غير أعداد العاملين شبه العاطلين الذين يتقاضون الفتات في القطاع الخاص، وحكمهم بمعيار العيش الكريم حكم العاطل عن العمل.

وكم أشعر أننا في حاجة إلى إعادة الزخم إلى برنامج توطين الوظائف، بعد أن تباطأ سيره، وتعطلت دواليبه، بفعل ذرائع القطاع الخاص ومزاعمه ومبرراته، ولعله آن الأوان لفرض التوطين قسرا بعد أن فشلنا في تحقيقه إقناعا.

[email protected]