موسى يوصي بسابع جار!

TT

لا يزال الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى يحاول جاهدا بيع فكرة توسيع قاعدة عضوية جامعة الدول العربية لتضم دول الجوار إليها، وشرح هذه الفكرة بتوسع خلال مؤتمر القمة العربية الأخيرة التي عقدت في سرت بليبيا. والمقصود بدول الجوار في الحالة المطروحة، إيران وتركيا وتشاد والسنغال على سبيل المثال. إن دعوة دول «ثقيلة جدا» لحارة «تعبانة جدا» هي مدعاة للقلق على أقل تقدير، فحتى هذه اللحظة فإن علاقات «الجوار» بين بعض الأعضاء الأساسيين في جامعة الدول العربية، هي علاقات مضطربة وغير سوية وقابلة للاشتعال، ونحن لسنا في حاجة إلى التذكير في هذه المسألة، إذ كل ما علينا التمعن في علاقات الجوار بين سورية ولبنان، وبين الكويت والعراق، وبين الجزائر والمغرب، وبين مصر والسودان، إنها جميعا ودون استثناء علاقات مضطربة ولم تتمكن الجامعة بكيانها ولا من خلال أعضائها المؤثرين من حل أي منها، والآن توجه الدعوة لإدخال «أوزان ثقيلة جدا» إلى حلبة موتورة أصلا! كيف سنستقبل «الجار» الإيراني وعلاقاته العظيمة بالبحرين والإمارات والكويت والعراق واليمن ولبنان وفلسطين في أسوأ حالاتها نتاج تدخله في صميم الداخل والخصوصية لتلك الدول؟! وأيضا على الجانب الآخر، دعوة تركيا للجامعة من باب الجيرة، إذ تعاني علاقات جيرة مضطربة جدا مع سورية بخصوص لواء اسكندرون الشهير، ومع العراق بخصوص الملف الكردي المعقد والحساس. ولا يمكن إغفال الوضع المتعلق بعلاقات الجيرة المهزوزة بين تشاد وكل من ليبيا والسودان لأسباب قبلية واقتصادية قديمة. كل هذه المسائل والخلفيات لا يمكن عدم أخذها بعين الاعتبار، وافتراض أن الدخول إلى «الجامعة» العربية يعتمد على الدرجات، ولا يعتمد على السمعة وحسن السير والسلوك أيضا. جامعة الدول العربية في حاجة إلى إصلاح داخلي وإعادة هيكلة جادة لتكتسب ثقة الشعوب العربية أولا قبل دعوة الآخرين إليها من خارج الدائرة العربية، هذا هو الواقع الأليم، ولا حاجة إلى دليل دامغ ليؤكد هذا القول إلا باستطلاعات الرأي العام العربي ومدى ثقته وقبوله لقرارات ومؤتمرات القمم العربية ودور الجامعة نفسها. أعلم تماما أن الأمين العام عمرو موسى يحاول جاهدا أن يحسن من صورة الجامعة ويطرح المبادرات تلو الأخرى لتحسين وضعها، ولكن إلى الآن لم يتغير الأمر بحيث يصبح لاجتماعات جامعة الدول العربية الوضعية النافذة والمريحة للشعوب العربية عموما. المهمة الأولى والأهم للأمين العام في الوقت الحالي يجب أن تكون لأجل تحسين الهيكلة الإدارية والتنفيذية لجامعة الدول العربية حتى يتحول هذا الكيان إلى مؤسسة مهنية محترفة جاذبة، تنال جدارة واحترام الأعضاء والمتابعين، وقتها لن يجد الجميع حرجا ولا ضيقا في دعوة دول الجوار وغيرها للانضمام إلى العضوية، حتى ولو بلغ الحال دعوة الصين والهند وتشيلي أيضا!

مشاريع توسعة العضوية لمؤسسات عالمية أو إقليمية كبرى ليست فكرة جديدة، فقد قامت بعملها «الآسيان» في جنوب آسيا و«الأيباك» في المحيط الهادي، وغيرها، ولكنها كلها كانت «ناجحة وفعالة وجديرة»، قبل أن تطلب من دول أخرى الانضمام إلى عضويتها. هناك أولويات يجب العمل عليها قبل الانشغال بمطالب أخرى، وحينما يتم الخلط بين الاثنين تكون النتيجة مخيبة للآمال ودون مردود يذكر. مشكلة جامعة الدول العربية أنها إلى الآن لم تأخذ بجدية ما يطلبه المواطنون العرب، وتعكس هذه المطالب على سياساتها ونظامها الأساسي، وهذا يجب أن يكون رأس الأولويات وبعيدا عن دعوات الجيران. هناك فيلم لعادل إمام أتمنى أن يتمعن عمرو موسى في عنوانه، وهو «خللي بالك من جيرانك»!

[email protected]