أشبه ولا أشبه - مع الأسف!

TT

اكتشفت فجأة أن الشاي ليس له طعم. وقد اعتدت أن أشربه كل صباح - عند الثالثة صباحا. كوب واحد.. وأنا أفعل ذلك العمر كله... ولكن فجأة وجدت أن الشاي لا طعم له.. ومعنى ذلك أن كل هذه السنوات كنت أشربه وكأنني نائم أو في حالة إغماء. ورحت أبحث عن السبب الذي جعل للشاي طعما ثم لا طعم الآن.. فجأة وجدت أن الشاي ليس له طعم الشاي ولا رائحته.. وبنفس حالة السرحان أو الإغماء رحت أختار أنواعا مختلفة من الشاي الإنجليزي والهندي والسريلانكي. وكلها لا طعم لها. وقلت: لعل السبب هو أنني أشرب الشاي بالعسل. وأنني لم أذق طعم السكر في حياتي. فالعسل له طعم البرتقال أو البرسيم. وأن البرتقال أقوى من طعم الشاي.

إذن، أخيرا لماذا لا أشرب الشاي بالسكر. وأتيت بالسكر الأبيض. ووضعته وبقي لون الشاي. أما طعمه فليس كله شايا.. أو لعل الذي أضعه أكثر مما يجب. فليكن ملعقة واحدة بدلا من واحدة ونصف. ولكن طعم الشاي قد تغير. إذن لم يبق إلا أن أشربه سادة. لا عسل ولا سكر.. وجدته شديد المرارة وأنه بهذا اللون والطعم سوف يصيبني بمزيد من الأرق والإمساك.

ووضعت اللبن على الشاي فأفسده تماما. الحل الوحيد أنني أتيت بالكوب ووضعت فيه الشاي والعسل وكنت أشم رائحته من حين إلى حين. ولا أشربه!

وتذكرت الشاي الذي يشربونه في الهند وسريلانكا، تحفة في اللون والطعم والرائحة. ووجدت هذا الشاي في باريس وأتيت به إلى القاهرة وأعددت لنفسي حفلة شاي بأكواب جديدة وملاعق جديدة وعسل يوناني وسكر فرنسي. وجلست وانتظرت. ونظرت إلى الكوب الجديد البديع والرائحة القوية. واكتفيت بهذا القدر. فلكي أذوق الشاي يجب ألا أضع فيه أي شيء. ثم لا أضعه في فمي. رائحته تكفي. ومضت ستة أشهر وأنا أشم الشاي ولا أذوقه. وقد أسعدني ذلك.. ورجعت إلى تاريخ الشاي وكيف كانوا ينقعونه ويشربونه من ألفي سنة. ويقال إنه أعظم وأجمل وأروع لون وطعم للشاي.

ولا أظن أنني سوف أذهب في حبي للشاي إلى هذه المهزلة.. والحمد لله على اللون والرائحة!