سلام عليه حيا وميتا!

TT

في خطاب جعلته قطعة أدبية لعل وعسى. والخطاب أرسلته إلى الدالاي لاما، وكنت أول من قابله والتقطت له صورا تناقلتها وكالات الأنباء العالمية في يوليو (تموز) 1959، عندما كان في الهملايا هاربا من الزحف الصيني. الخطاب يذكر الدالاي لاما بأيام زمان.. ويستحلفه بالسيدة والدته أن ينظر في طلبي هذا لأسباب تاريخية.

فقد طلب مني رئيس الوزراء والملحق بالدالاي لاما مبلغا من المال لكي أتمكن من التقاط صور نادرة له؛ وهو يصلي. وهو يأكل. وهو نائم. وهو يضحك عمال على بطال. وزيارته لأمه كل صباح وهو يقبل يديها والأرض عند قدميها، ورفضت أمه أن تستجيب له أول الأمر. ثم عاود الطلب والرجاء. إلى أن يقبل قدميها من أولها لآخرها، ولكي تنتشر البركة والحيوية والشباب في السيدة والدته، وهي التي طلبت مني أن أصورها بفستانها النايلون. ولم يجدوا حرجا في الصورة ولم يطلبوا نسخة منها لأن المنظر عادي جدا.

وأنا لا أطلب فلوسي التي أخذها رئيس الوزراء ولم يساعدني في شيء، وإنما أطلب إليه أن يبعث لي بنسخة من الكتب التي ألفها الدالاي لاما وذكرني فيها، وقال إنني صحافي أميركاني وأن اسمي فرانسيس مادور.. زي بعضه.

وقد مضى على هذه التحفة الأدبية أكثر من عشر سنوات. لا الدالاي رد ولا أعرف إن كان رئيس وزرائه حيا. ولكن لاحظت أنهم أشاروا إلى ما كتبته في «أخبار اليوم» وفى كتابي «حول العالم في 200 يوم» ورأوا في ذلك صدى عالميا لهروب الدالاي لاما من أيدي الصينيين.

وفي نهاية خطابي، قلت إنني لاحظت في صور السيدة والدته أنها كبيرة في السن وأنا لا أزال أذكرها. وكانت لنا مناقشات ومداعبات، وهي تعرفني جيدا.. كم تحية وكم حضنا وكم وعدا - ولا أظنها تنسى كل ذلك العناء - أنا الذي عانيت. وسوف تبعث لي بكل ما أريد. فأرجو منك أن تكلفها بالبحث عنها وتذكيرها بما كان ولست أذكره. أرجو منك أن تشملني بعطفك.. والسلام عليك حيا وميتا!