يوميات مؤرّخ

TT

المؤرّخ السعودي حسين عبد الله باسلامة، سجل في يومياته قبل 85 عاما أحداثا تاريخية مفصلية هامة واكبت توحيد البلاد السعودية، بدأها في الرابع من سبتمبر (أيلول) 1925، وأتمها في السابع من يونيو (حزيران) 1926، نقتطف منها بعض الفقرات:

«الثلاثاء 15 ديسمبر: اليوم بلغ الملك علي قنصل الإنجليز بتنازله عن ملك الحجاز، وكلفه يفاوض ابن سعود في كيفية التسليم، فاستأذن القنصل من الدولة البريطانية في ذلك فأذنت له، حصلت معاهدة بين عموم ضباط جيش الحجاز على المحافظة على استقلال الحجاز.

الأحد 20 ديسمبر: اليوم سافر الملك علي من جدة على الباخرة الإنجليزية بعد الظهر، وحال سفره أعلن منشور الوداع والتخلي عن ملك الحجاز، وأنه شكل حكومة مؤقتة يرأسها الشيخ عبد الله رضا، وفى هذا الوقت أنزلت الأعلام الهاشمية.

الاثنين 21 ديسمبر: اليوم خرجت هيئة الحكومة وكبار أهل جدة إلى الرغامة، وواجهوا عظمة السلطان ابن سعود، وقابل العموم أحسن قيام وأكرم مثواهم، وأعطى الأمان للعموم من دون استثناء.

الثلاثاء 22 ديسمبر: اليوم في الظهر اعتلت الراية الخضراء مركز الجمرك، وأنزلت بعد ساعة، واجهت عظمة السلطان عبد العزيز بن سعود بعد المغرب في الرغامة، وجدته محبا للإصلاح، وعدنا من الرغامة الساعة الرابعة ليلا، بالتوقيت الغروبي.

الاثنين 4 يناير: جلس عظمة السلطان بدار الحكومة الساعة الثالثة صباحا، وأطلقت مائة طلقة وطلقة واحدة من مدفع، وحصل استقبال عظيم له.

الجمعة 8 يناير: صارت البيعة لعظمة السلطان عبد العزيز في رواق باب الصفا الساعة السابعة والنصف، وأعلنت البيعة على العموم، ثم ذهب إلى الحطيم، وتلا الدعاء، ثم جلس بدار الحكومة، وبورك له بذلك، وتليت الخطب الإصلاحية.

الاثنين 25 يناير: تقرر انتخاب سبعة أعضاء لهم خبرة بالأمور المالية، وحصل انتخاب السبعة، وهم: الشريف حسين عدنان، وفهد عدنان، والسيد على كتبي، ومحمود شلهوب، وعبد الوهاب عطار، وعبد المقصود خوجة، ومحيي الدين حلمي، ثم تقرر أن أكون معهم ثامن ثمانية أشخاص. ثم تعشينا مع السلطان في بيت محمد نصيف، وأخبرنا أن المهمة التي دعينا لها هي عمل ميزانيه لمالية الحكومة الحجازية عموما.

الاثنين 27 يناير: اليوم اجتمعنا بجدة بالخزينة، وتذاكرنا في ميزانية الحكومة، الليلة الساعة 10 في بيت عاشور، وتقرر تخصيص مبلغ 11666 جنيها إفرنجيا شهريا مقابل ما يلزم للحربية الحجازية، وكان ذلك أول القرارات الهامة».

ولكن المؤرخ وهو في خضم تلك التحويلات الكبيرة لم ينسَ ولعه بالخيل وهو يقول في إحدى يومياته في:

«19 ديسمبر: اليوم اشتريت الفرس المخلدية التي اسمها (مليحة) بقيمة 12 جنيها، ولقحها الحصان (كحيلان) أبو عرقوب بعد العصر في الشهداء، وذلك لكي أحفظ نسلها».

* * *

ولكي تعرفوا كم كانت الحياة بسيطة في ذلك الزمن، فعليكم أن تقرأوا معي هذين البيتين من الشعر، وقد قالهما أحد المسافرين من جدة إلى مكة في إحدى محطات الطريق، وكان سعيدا وقنوعا جدا لما يحويه كيسه، وهو يقول:

في الكيس عندي ثلاث فلوس

في سوق بحرة تغدّيني

قرشين آكل بها معدوس

والقرش الآخر يقهويني

ويا سلام سلّم.

[email protected]