بالانتظار

TT

أستمتع بمتابعة أقوال وتصريحات وزير الكهرباء والمياه السعودي عبد الله الحصين، فمن ينسى تصريحه الشهير خلال أزمة انقطاع المياه عن مدينة جدة واصطفاف الناس بالطوابير للحصول على حصتهم من ناقلات المياه لمنازلهم، عندما قال: «إن أزمة المياه في مدينة جدة هي حالة نفسية»؟.. وكان لديه تعليق آخر عن أزمات انقطاع التيار الكهربائي في بعض المناطق قال فيه: «إن انقطاع التيار الكهربائي لا يعني عدم توافر الخدمة»، وهو تصريح بحاجة لأن يكون المرء خريج الدكتوراه من السوربون أو أكسفورد أو هارفرد على أقل تقدير حتى يستوعب المعنى ويدركه بعمق كاف..

فمنذ أيام أعلن الانتهاء من التجفيف الكامل لبحيرة الصرف الصحي الشهيرة بمدينة جدة على لسان مسؤولي الوزارة نفسها، و«أكد» المسؤول أن المياه لم يتم التخلص منها في البحر الأحمر، لكنها تمت معالجتها بطريقة ثلاثية ضمانة للتعقيم المطلوب، وهذا التصريح قوبل بموجة عارمة من النقد والتشكك من قبل متخصصين في مجال البيئة، وكذلك من مصلحة الأرصاد وحماية البيئة، لتوضيح أن محطات التنقية الموجودة في جدة والموظفة من الوزارة لهذا الغرض ليست لديها القدرة الاستيعابية الكافية لإنجاز ما تم في الفترة التي انقضت من الزمن الموكل للمهمة، وبالتالي بات من المنطقي والمرجح بالأدلة - بحسب ما يروى - أن هناك مواقع كثيرة على ساحل جدة تغير لون المياه فيها وعلت منها روائح كريهة.

خبر القضاء على بحيرة الصرف الصحي سيئة الذكر، هو خبر مهم وإيجابي، لكن أن يكون الخلاص من البحيرة وتجفيف مياهها «بأي طريقة وبأسرع وقت»، ويتم حل مشكلة عويصة وإيجاد عشرات المشكلات جراء هذا الحل، فهذا علاج خاطئ يستحق التمعن والبحث فيه، ويستحق احتراما أكثر لمتلقي تصريح المتحدث والمسؤول الوزاري، وذلك بدعم التصريح بأرقام وبيانات واضحة تتماشى مع ما قيل وصرح به.

حجم المياه الراكدة في البحيرة سيئة الذكر يفوق الخمسين مليون لتر، فأين ذهبت بهذه السرعة، خصوصا في ظل معرفة القدرة الاستيعابية لمحطات التنقية الموجودة بجدة ومحدودية استيعابها، وبالتالي «استحالة» تنفيذ عملية التخلص من هذا الكم في هذه المدة؟

من باب الشفافية والمنطق أعتقد أن جدة تحديدا والسعودية عموما تستحقان كشفا واضحا يبين أين ذهبت مياه الصرف الصحي وكيف جففت بهذه السرعة، وسيكون ذلك بالتالي حلا كاملا للمشكلة، وتوضيحا لمن ينقد أو يشكك في أن المياه ذهبت للبحر أن هذا الكلام لا أساس له من الصحة، خصوصا أن ذلك يأتي بعد أن تحدى المتحدث باسم الوزارة أن يثبت أي أحد أن المياه تم صبها في البحر الأحمر من دون معالجة.

الناس بانتظار تعليق الوزارة وأياديهم على قلوبهم وعلى القاموس.

[email protected]