ليت الحريري يفعلها

TT

تصدى الرئيس السوري لفكرة استقالة رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري بالقول: «نعتقد أن سعد الحريري قادر على تجاوز الوضع الحالي. في الأزمة الحالية هو قادر على مساعدة لبنان، نعتقد أنه شخص قادر. أنا أعتقد أنه الآن الشخص المناسب جدا لهذه المرحلة الصعبة». وذلك في المقابلة التي أجراها معه الصديق غسان شربل في صحيفة «الحياة».

وتلك الإجابة بحد ذاتها يجب أن تقنع الحريري ومحبيه، بضرورة الاستقالة الآن، وهذا ما طرحته في مقالي «لو كنت مستشارا للحريري» الذي جاء صبيحة يوم تعليق الرئيس السوري على تبعات استقالة الحريري، إن حدثت. فالرئيس السوري يقول، وبوضوح، إن الحريري «قادر على تجاوز الوضع الحالي»، وإنه «الشخص المناسب جدا لهذه المرحلة الصعبة».

فما معنى هذا الكلام؟ معناه، وأهميته، تكمن في أن الحريري هو الوحيد القادر على إفساد قيمة المحكمة الدولية، وليس تعطيلها أو إيقافها. فالحريري ولي الدم، وزعيم السنة اليوم في لبنان، ورئيس الوزراء، ومجرد تنازله عن دم رفيق الحريري، أو الطعن في المحكمة، سيحيد أتباعه. هذا معنى الحديث السوري.

وخطورة هذا الأمر تكمن في أن الحريري ليس رئيس وزراء السنة، بل هو رئيس وزراء لبنان كله، ووريث مشروع رفيق الحريري، ومجرد الطعن في المحكمة هو طعن لكل من يريد مستقبلا مستقرا للبنان، خصوصا أن التصريح السوري يتحدث عن أهمية الحريري «لهذه المرحلة الصعبة» وليس لمستقبل لبنان، كما أن المحكمة الدولية ليست حصرا على قضية اغتيال رفيق الحريري وحده، بل ورفاق الراحل الذين امتدت لهم يد الغدر، ومنهم المحسوبون على طوائف أخرى، وفيهم المسيحيون كذلك.

ولذا، فإن قوة سعد الحريري اليوم هي في استقالته، وليس في بقائه. استقالة سعد الحريري هي لمصلحة لبنان، اليوم وغدا، ففيها احترام وتقوية لمنصب رئيس الوزراء، حيث إن كثرة التنازلات تفقد المنصب قوته وقيمته مستقبلا، وهذا خطر على لبنان. كما أن من شأن استقالة الحريري اليوم أن تقلب الطاولة على من يريد تلطيخ سمعة المحكمة، وتجعل الحريري الشخص المناسب ليس لهذه المرحلة فحسب، بل ولمستقبل لبنان أيضا.

وقد يقول قائل إن بمقدور المعارضة اليوم أن تأتي برئيس وزراء بدلا من الحريري، وهذا غير صحيح، فلن يقبل أي من القيادات اللبنانية السنية المحترمة أن يضع نفسه في هذا الموقف، ويظهر على أنه باع لبنان وسنته، هذا من ناحية. ومن ناحية أخرى، فبمجرد قدوم من لا قيمة ولا وزن له إلى كرسي رئاسة الوزراء، فقط لتعطيل جهد المحكمة، فإنه سينظر إليه تلقائيا على أنه علاء حسين رئيس وزراء حكومة الكويت أيام احتلال صدام، فلن يجد قبولا من الدول العربية المؤثرة، كما لن يجد اعترافا من الغرب.

وعليه، وللأسف، فإن كل المعطيات تقول إن الاستقالة اليوم هي الحل الأجدى، ليس هروبا كما يعتقد البعض، بل حماية للبنان من المشروع الإيراني، وخلافه، ومن أجل إعادة الأمور إلى نصابها. فهل يفعلها الحريري؟

لنتصرف في شطر البيت العربي ونقول: هكذا يا سعد تورد الإبل؟

[email protected]