شفافيات شفافة شفا

TT

قال الرئيس الأفغاني حميد كرزاي إن مكتبه تلقى «مساعدات مادية شفافة من إيران». وقد نفت طهران «هذه الاتهامات السخيفة»، مما وضع الناس في حيرة حول من يصدقون: شفافية رجلنا في كابل.. أم نفي إيران للاتهامات السخيفة؟ ومن أجل ضرورات المقال، سوف نصدق الزعيم حميد، الذي لا ينفي شفافية المساعدات لمكتبه، وينفي أن شقيقه هو أكثر أهل كابل فسادا وصفقات. وأما الميل إلى تصديق شفافيات كرزاي، فلأن الرجل يتحدث عن مساعدات إيرانية باليورو، في حين أن الدولار الأميركي يمر بمرحلة ضعف شديد، مقابل اليورو ذي البأس الشديد، ومقابل الين والدولار الأسترالي.

من قبيل الاحتياط، يفضل مكتب السيد كرزاي سلة عملات شفافة لتغطية النفقات الباهظة في كابل، وتسديد نسب التضخم وغلاء المعيشة. ثم إن المرء يتساءل: لماذا يغضب الأميركيون من حليفهم وصديقهم: هل بسبب التعامل مع إيران، أم بسبب التعامل مع اليورو؟ أين هي الغضاضة في الأمر؟ يا عيني على غضاضة، ولا فصاحة، وعلى شفافية صاحب الدولة.

بدل أن يقدر الأميركيون صراحة الرجل وشفافيته في تلقي المصاريف النثرية، يجب أن يسألوا أنفسهم لماذا يتركون سعر صرف الدولار يتدهور إلى هذا الحد في الوقت الذي تزداد فيه مصاريف وتكاليف الحياة في كابل. وإذا كان زهير ابن أبي سلمى قد سئم تكاليف الحياة في البادية بثوبه المتواضع، فماذا نقول عن «شلحات» الرئيس كرزاي الملونة، من الأحمر إلى الأخضر، التي جعلته ذات عام يسمى أحد الأكثر أناقة في العالم، على مقياس «فايتي فير»؟

على الأميركيين أن يتعظوا بدل أن يسخطوا. في المرة المقبلة، عندما يختارون رئيسا مشتركا، لهم وللأهالي، يجب أولا دراسة احتياجات مكتبه، ثم مراقبة حركة سعر صرف الدولار. وهذه ليست أول مرة يتبين لهم فيها أنهم أخطأوا في الحسابات السياسية والمادية معا. لهم سوابق كثيرة في سايغون وفي الفلبين وفي العراق، حيث تبين لهم أن الحلفاء الذين وقعوا اتفاقات معهم بالدولار ما لبثوا أن أغراهم «التومان» الإيراني، رغم ضعفه الأزلي وعدم التداول به في الأسواق الخارجية.

الأكثر غرابة في كل هذا أن يتبرع كرزاي نفسه بالحديث عن شفافيات اليورو في مكتبه، حيث يفترض أن العملة الرسمية هي الدولار. وبدل أن يغضب الأميركيون عليهم الانتباه إلى عملتهم، أو على الأقل، إلى احتساب الفرق.. بكل شفافية.