الفكة من جحا غنيمة

TT

بعد نهاية الحرب العالمية الأولى مباشرة، قررت الدنمارك بطوعها، ومن دون أي تدخل خارجي، أن تحل جيشها نهائيا، وعللت ذلك بأنها مهما حشدت من العساكر ومهما حصّنت من القلاع، فإنها لا تستطيع أن تدافع عن نفسها أمام الدول الكبيرة كألمانيا أو بريطانيا مثلا، لذلك قررت أن تواجه الحقائق وتترك الخيالات الكاذبة والغرور الزائف، فألغت جيشها بالكامل، وتركت حصونها لتكون معالم سياحية فقط لا غير. وأسست حرسا صغيرا يقوم بمراقبة الحدود من التهريب، واستخلاص الرسوم الجمركية، وتنظيم السير، وحفظ الأمن داخل المدن والقرى. ووظفت كل مصاريف جيشها للارتفاع بمستوى المرافق العامة.

كل هذا حصل عام 1918.. وقبل أيام قرأت (استبيانا) موثقا يثبت أن الإنسان الدنماركي يتمتع بأعلى مستوى دخل في العالم، وأن الدنمارك هي أكثر دول العالم أمنا وسعادة كذلك.

لهذا قررت أن أهاجر إلى هناك، فإن لم يقبلوني مواطنا هناك، فأرجو بأبسط الأحوال أن يقبلوني سائحا ملتزما لا يعاكس ولا يغازل ولا يقل أدبه كالمعتاد.

* * *

جاء في الأخبار أن (خميس)، وهو كان (خفيرا أو غفيرا) في جمرك الإسكندرية المصرية، طلق قبل مدة قصيرة زوجته (السابعة والعشرين)، بحجة أنه ضجر منها، وهو يجهل عدد أولاده بالضبط، لكنه (يرجح) أنهم يزيدون على الخمسين، أكبرهم كهل عمره 72 سنة، وأصغرهم طفل عمره 3 سنوات.

وأحلى ما في الموضوع أن (خميس) هذا لا يزال محافظا على كامل قواه العقلية والجسدية، وهو فخور بقوته وبطشه، ولا يمنعه من الزواج مانع - مثلما يقول. وقبل أيام عقد قرانه فعلا على زوجة جديدة.

وهو بالمناسبة يستهويه الطرب، ومدمن على تعاطي المشروبات الروحية يوميا، وهذا هو ما حير الأطباء.

فمن أين لذلك الرجل التسعيني اللياقة الكافية لممارسة الزواج والشرب في نفس الوقت من دون أن يفت ذلك بعضده، أو على الأقل من دون أن ينهد حيله؟! حقا إنني في حيرة عظيمة (!!).

لا شك أن تلك موهبة يعطيها الله لمن يشاء.

لا أريد أن أقول إن (خميس) مثلي الأعلى في هذه الدنيا الفانية، لكنني فقط أقول: اللهم لا حسد.

* * *

هل صحيح أنه إذا أحبتك امرأة فأنت رجل سعيد، وإذا كرهتك امرأة فأنت رجل محظوظ؟!

بالنسبة لي: لا هذه ولا تلك.

(فالفكّة من جحا غنيمة).

[email protected]