نظرة إلى سياسة كلينتون العالمية الجديدة

TT

كيف ترى هيلاري كلينتون العالم؟

يصدر البنتاغون كل أربع سنوات تقرير «مراجعة الدفاع الرباعية» الخاص به، وهو عبارة عن وثيقة ضخمة تستعرض الأهداف والتهديدات والمنهج والاستراتيجيات العسكرية، ويحدد الأولويات بدءا من الإنفاق على أنظمة الأسلحة في المستقبل وانتهاء بتدريب القوات المسلحة الأميركية.

لكن، ماذا عن الدبلوماسيين؟

وحتى لا يتفوق أحد عليها، أعلنت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري رودهام كلينتون العام الماضي أن وزارة الخارجية سوف تبدأ إصدار مراجعة التنمية والدبلوماسية الرباعية الخاصة بها. وقالت كلينتون في يوليو (تموز) 2009 عند إعلانها عن المبادرة: «بدلا من محاولة التكيف مع الطريقة التي تسير بها الأمور، نحن بحاجة إلى أن نتعود التطلع إلى الأمام والتخطيط للطريقة التي نريد للأمور أن تسير بها».

فما تلك الطريقة التي تريد السيدة الوزيرة أن تسير بها الأمور؟ سيتم الإعلان عن الوثيقة الشهر المقبل، لكن كلينتون تقدم عرضا مسبقا في مقال من 5500 كلمة في عدد نوفمبر (تشرين الثاني)/ ديسمبر (كانون الأول) من مجلة «فورين أفيرز».

لم يعد الأمر يتعلق بالحكومات بعد الآن:

وتكتب كلينتون: «من المرجح في القرن الحادي والعشرين أن يقابل الدبلوماسي شيخ قبيلة في إحدى القرى، باعتباره نظيرا له في وزارة خارجية، ومن الممكن أيضا أن يرتدي سروالا فضفاضا كبزة رسمية». وتدعو كلينتون الدبلوماسيين إلى الانخراط المباشر في القطاع الخاص والمجتمع المدني ومع قادة الرأي، خاصة في الدول الاستبدادية. ولكن، كيف؟ «بأخذ أموال من كل الهيئات الحكومية الأميركية من أجل تقديم خدمة مدنية عالمية في مستوى ومرونة القوات العسكرية الأميركية».

لاحظ كلمة «التنمية» في اسم الوثيقة:

تريد كلينتون أن ترتقي بمستوى التنمية لتصبح من ضمن الأمور التي تحظى بالأولوية لدى السياسة الخارجية الأميركية، حيث توضح: «سيكون دعم الطبقة الوسطى حول العالم الطريق إلى تأسيس نظام دولي عادل ودائم، وهو ما يعد جوهر استراتيجية الأمن القومي الأميركي». وتعقد كلينتون الخيوط حول الجدل القديم عن العلاقة بين الفقر المدقع والتطرف، حيث تكتب: «لا يؤدي الفقر والقمع تلقائيا إلى الإرهاب، لكن الدول الفقيرة والفاسدة التي تغيب عنها سيادة القانون... أكثر عرضة لأن تصبح ملاجئ للإرهابيين والمجرمين».

الدبلوماسيون في حرب:

تقول كلينتون إن واحدا من بين كل خمسة دبلوماسيين أميركيين يعملون في العراق أو أفغانستان أو باكستان، فعلى سبيل المثال لا يزال هناك 1600 مدني يعملون مع القوات الأميركية التي تبلغ 50.000 في العراق، وهناك نحو 1100 دبلوماسي ومدني يقودون عملية إعادة البناء ويبذلون جهودا تنموية في أفغانستان «وسيظلون هناك حتى بعد رحيل القوات الأميركية».

هناك حاجة إلى مزيد من المال:

تقول كلينتون في المقال: «لقد خصص مجلس النواب ومجلس الشيوخ مئات المليارات من الدولارات للمهمات العسكرية في أفغانستان والعراق». وتضيف: «لا تمثل الأموال المخصصة للأنشطة الدبلوماسية والتنموية هناك سوى جزء صغير جدا من هذا المبلغ، ومع ذلك كثيرا ما تدخل ضمن الجدل القديم حول المساعدات الأجنبية... ويمكن لهذه المهمات أن تنجح فقط في حالة وجود قيادة ودعم من الكونغرس».

وهذا هو السؤال المهم؛ فيمكن لكلينتون وزملائها في وزارة الخارجية أن يكتبوا كل الوثائق الخاصة بالاستراتيجية والمراجعات الخاصة بالسياسات كما يشاءون، لكن هل سيستطيعون الحصول على الموارد اللازمة للخروج برؤيتهم إلى حيز التنفيذ، في ظل أزمة اقتصادية وعجز ضخم في الميزانية؟

* خدمة «واشنطن بوست»