السعودية إلى العراق.. من الباب

TT

نداء خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز لجميع العراقيين من أجل أن يجتمعوا بالرياض، وتحت مظلة الجامعة العربية، هو نداء خير للعراق والعراقيين، وللمنطقة كلها. وأهمية هذا النداء تكمن في أن السعودية قد دلفت إلى بغداد من الباب!

فلم يدع العاهل السعودي طرفا على حساب طرف، ولم يدع لاجتماع عربي، أو إقليمي، بعيدا عن أصحاب الشأن أنفسهم، وهم العراقيون، بل دعا أبناء العراق «جميع الأحزاب التي شاركت في الانتخابات، والفعاليات السياسية» ليناقشوا أمر بلدهم، ومستقبلهم بأنفسهم؛ حيث إن الحالة العراقية بحاجة إلى مبادرة تنقذ العراق من مستقبل مظلم، بل ومرعب.

وفي ظل انحسار المبادرات الإيجابية التي تنظر إلى جميع العراقيين بنظرة متساوية، تجيء مبادرة الملك عبد الله للعراق في وقت مهم، لتسهم في إخراج العراق من مأزقه المستمر، وبأيدي العراقيين أنفسهم.. فدعوة جميع العراقيين تعني أن الهم العراقي يُحل بفكر عراقي، وليس في عواصم خارجية، فهذا يذهب إلى إيران، وذاك إلى سورية، والآخر إلى مصر، وغيره إلى السعودية، بل المهم، والأهم، أن المبادرة السعودية تدعو جميع العراقيين للاجتماع تحت سقف واحد، وعلى أرض واحدة، كانت وما زالت حريصة على العراق والعراقيين، وهي السعودية.

وذلك بالطبع عكس ما ذكرناه في مقال أمس عن كيف تدار اللعبة في العراق، وفق مصادر مطلعة وعليمة، فالسعوديون يبادرون لإخراج العراق من مأزقه بإجلاس العراقيين أنفسهم على طاولة واحدة، ووجها لوجه في الرياض، وليس بتقديم حلول مفصلة في الخارج. وهاهو الملك السعودي يقول للعراقيين بلغة واضحة صريحة: تعالوا «لتدارسوا، وتتشاوروا، لتقرروا أي طريق نبيل تسلكون، وأي وجهة كريمة تتجهون». بل ويتعهد لهم قائلا: «نؤكد لكم استعدادنا التام لمد يد العون، والتأييد، والمؤازرة، لكل ما سوف تتوصلون إليه من قرارات، وما تتفقون عليه من أجل إعادة الأمن والسلام إلى أرض الرافدين».

وقوة السعودية، بكل تأكيد، ليست بالميليشيات، وخلافها؛ لأنها لا تملك أي شيء من هذا الأمر، بل إن قوتها تكمن في مصداقيتها، والتي يظهرها قول الملك في ندائه التاريخي: «إن وحدتكم وتضامنكم وتكاتفكم قوة لكم ولنا».

واليوم، كما أسلفنا، دلف السعوديون إلى بغداد من الباب، ودعا الملك عبد الله العراقيين كلهم للاجتماع في الرياض، بلا شروط، أو إملاءات، بل ليقدموا الحلول لأنفسهم. ولذا، فهذه فرصة تاريخية للعراق والمنطقة برمتها، وعلى العراقيين، بكافة مشاربهم، الاستفادة من هذا الأمر. ففي السعودية لن يكون هناك ضغط على طرف ضد الآخر، فالهاجس السعودي، وهاجس الملك عبد الله الذي يعرفه كل من يستمع إليه عند حديثه عن العراق، هو كيفية الحفاظ على وحدة العراق واستقلاله. وهذا ما قاله الملك بكل وضوح في خطابه حين قال: «هذه أيدينا ممدودة لكم ليصافح الوعي راحتها، فنعمل سويا من أجل أمن ووحدة واستقرار أرض وشعب العراق الشقيق. اللهم إني اجتهدت فأسألك الصواب، ودعوت فأسألك الاستجابة لدعوتي، وبلغت ليشهد أكرم الشاهدين».

إنه نداء تاريخي، وفرصة طالما حلم بها العقلاء، ومحبو العراق.

[email protected]