درس سعودي

TT

لم تبالغ صحيفة «النيويورك تايمز» الأميركية عندما قالت إنه لولا جهد الأمن السعودي لما أُحبطت عملية الطرود الإرهابية التي أرسلت من اليمن إلى الولايات المتحدة الأميركية، فبحسب الصحيفة فإن العالم الذي كان يتحدث عن الإرهابيين المحتملين من السعودية بات اليوم يتحدث عن التميز الأمني السعودي، وأهميته في معركة محاربة الإرهاب دوليا.

والدرس بالإنجاز السعودي ليس في اكتشاف العمليات الإرهابية قبل وقوعها وحسب، وإنما الإنجاز الأساسي هو أن رجل الأمن السعودي قد أكد بشكل واضح، وقاطع، إيمانه بنبل معركته، وعدلها، ولذا فهو يواصل التفوق بأصعب مهمات معركة الإرهاب، وهي الحصول على المعلومات، وهذا ما يحسب للقائمين على الأمن السعودي.

فواحدة من أهم إشكاليات محاربة الإرهاب بالعالم العربي والإسلامي، هي حجم التشويش والتشكيك المنظم، إعلاميا، وسياسيا، ودينيا، حول نبل ومشروعية محاربة الإرهاب، مما يشكك رجال الأمن في تلك الدول بعدالة معركتهم. وهذا أمر يتضح جليا باليمن، وباكستان، ونتيجة ذلك التشكيك أن بعض الدول فشلت في ترسيخ قناعات مواطنيها، ورجال أمنها بأهمية ومصداقية المعركة ضد الإرهاب، وأن محاربة هذه الآفة هي لمصلحة الوطن أولا وقبل كل شيء، بل إنها حماية للدين، وأولى فوائدها قطع الطريق على أي تدخلات خارجية لمحاربة الإرهاب.

وها نحن اليوم نسمع المسؤولين اليمنيين وهم يقولون بعد حادثة الطرود الإرهابية بأنهم لن يسمحوا بأي تدخل خارجي ببلادهم، والإشكالية التي لم يستوعبها الإخوة باليمن أن لا أحد تواق للتدخل، فلدى الدول اليوم، وخصوصا الغرب، ما يشغلها داخليا وخصوصا الاقتصاد، وبالتالي فإن ما يريده الآخرون من اليمن هو أن يكفيهم شر ما يأتي من أرضه فقط. خصوصا في المسائل غير المعقدة، فكيف ينطلي على أي رجل أمن إرسال طابعات كومبيوتر من صنعاء إلى شيكاغو؟

ولذا نقول إن السعودية قد قدمت درسا في كيفية التعامل مع مكافحة الإرهاب، وذلك من خلال إيمان رجال الأمن بأهمية وقدسية معركتهم، حيث بات الأمن السعودي يملك اليد الطولى في محاربة الإرهاب، وذلك من خلال التميز برصد المعلومات، فقبل أسبوعين تقريبا أعلن الفرنسيون أن الأمن السعودي هو من حذرهم من خطر إرهابي وشيك، كما سبق أن حذر السعوديون دولتين أوروبيتين من خطورة إرهابية قادمة، ولا ننسى بالطبع يوم قال السعوديون إنهم قد حذروا بريطانيا قبل إرهاب 7/7 ويومها ضجت الصحافة البريطانية استخفافا بالمعلومة، لكن رأينا كيف تعاطى الأميركيون بجدية كبيرة مع المعلومة السعودية قبل أيام وتحركوا على وجه السرعة، وأفسدوا عملية الطرود الإرهابية قبل وقوعها، واكتشف العالم أن السعوديين هم من حموا المطارات الدولية من كارثة إرهابية كبرى لو وقعت لتسببت بفوضى كبرى، وأضرت بصناعة السفر والطيران.

ولذا فإن العالم كله يشكر اليوم للسعوديين تميزهم الأمني الكبير، وهو ما يجعل الأمن السعودي في تحد كبير ومستمر، ولذا فإن السعودية لا تملك إلا الاستمرار في الاستثمار بالأمن، رجالا، وتقنية، من حيث التوظيف، والتدريب، والتطوير، فكل المؤشرات، للأسف، من حول السعودية في المنطقة تقول إن معركة الإرهاب ما زالت طويلة.

[email protected]