ذكور طيور تحمي العروسين!

TT

أكثر من أربعين عاما أحاول أن أعرف هذا الطائر. مع أنه لا يهم أن أعرف اسمه. إنه عصفور صغير طويل الذيل صغير المنقار ولكنه واسع الفم يستطيع أن يبتلع الحشرات أثناء طيرانها وطيرانه هو. لونه بني فاتح.. أو لونه رمادي. وهذا الطائر لا يظهر إلا ليلا.

والذي حدث لي كان شيئا غريبا. فهذا العصفور قد وقع أمامي وكاد يسقط في الملوخية.. فقد كنت في زيارة أصدقاء مصريين في سويسرا. وكانت الغابة قريبة منهم. وكانت تزورهم طيور وزواحف. ولا تترك أي أثر ضار. ولكن هذا العصفور قد وقع أمامي. ولا يريد أن يأكل أو يشرب. لعله متعب أو مريض أو هارب من الضواري مثل الصقور أو الثعالب.. ثم إنه هبط من المائدة إلى الأرض.. ووجد حذاء واسعا دخل فيه واستقر.

والعجيب أن هذا الطائر ليس له صوت عندما يتنفس. وقد فهمت أن هذا السكوت أو هذا الصمت هو الذي يحميه من أعدائه من الحيوانات التي تنتظره.

ثم لقيت الأستاذ الدكتور محمد عبد العظيم الدرديري الذي تخصص في الطيور الاستوائية التي لا تعيش فوق الأشجار وإنما على الأرض، وتختفي في أي تجويف في الأرض أو في الجحر أو في الشجر. فقال لي إن اسمه هو «الطائر الصرار» - أي الذي يطلق أصواتا في الليل تشبه الصرير.. ويكون ذلك في أيام التزاوج.

وهو يحاول أن يستدعي الأنثى ويجذبها بصوته وبالريش الملون والأجنحة المزخرفة. وهو يغني ويدور ويلف حول الأنثى، وفي الوقت نفسه يجيء عدد من الذكور لحمايته. فإذا تم التزاوج طارت الذكور. وهذه الذكور لا تعرفه.. لا قريبة منه ولا جارة له - وإنما كانت تمر بالقرب من الذكر الذي يحاول استدراج الأنثى فخافوا عليه من الصقور - يعني أنه عمل إنساني تقوم به الطيور الصرارة الرقيقة، وقد تموت دفاعا عن العروسين!