أضأنا مائة شمعة في عرس الفن الإسلامي..

TT

في الأسبوع الماضي وبالتحديد يوم 25 أكتوبر (تشرين الأول) احتفلنا في مصر بمئوية متحف الفن الإسلامي، وقد أحاطت بنا أجواء ألف ليلة وليلة من دون بذخ أو إسراف أو غناء وتهليل، وإنما عبق التاريخ يحيط بنا وروح المكان تظللنا..

بدأ يوم الاحتفال في الصباح الباكر، وكنت مشغولا للغاية بمتابعة كل تفاصيل افتتاح المتحف لضيوفه من المثقفين والصحافيين الذين جاءوا من كل بلاد العالم لحضور افتتاح المتحف بعد تطويره بالكامل، الذي استمر لنحو ثماني سنوات من العمل الشاق المضني وكلل بافتتاح المتحف على يد الرئيس محمد حسني مبارك في أغسطس (آب) الماضي..

عند منتصف النهار كنت أتجول بين قاعات المتحف وكأنني أطير بجناحين في روضة غناء، إحساس لا يمكن وصفه وأنت بين أحضان كنوز من الآثار والفنون الإسلامية، التي انعكست على روح ووجوه كل الحاضرين، فكانت أجواء روحانية شرقية أصيلة، وكيف لا وعلى يميننا نرى محاريب من عصور إسلامية مختلفة، وكتابات ونقوشا إسلامية بديعة، وأبوابا ومنابر وسجاجيد وخزفا ومعادن، كلها من إبداع الفنان المسلم الذي عاش في العراق وإيران وأفغانستان شرقا، وبلاد الأندلس والمغرب غربا، والأناضول شمالا والحبشة جنوبا..

ويمر الوقت سريعا وتأتي السيدة الفاضلة سوزان مبارك إلى المتحف في السابعة والنصف مساء وفي استقبالها وزير ثقافة مصر الفنان فاروق حسني والكثير من الشخصيات العامة.. وكنت أسعد الموجودين بحضورها، أو هكذا أحسست بتعليقات السيدة سوزان التي أعرف مدى عشقها وتذوقها للفن الإسلامي وعنايتها بعمارة المتاحف وأسلوب عرض الآثار، ولنا مناقشات طويلة في ذلك المجال.. وقبيل انتهاء الزيارة قدمت للسيدة سوزان مبارك كتابا هو في حد ذاته تحفة فنية تليق بالاحتفال بمئوية المتحف العريق.. يحكي تاريخه من ذاكرة مائة عام من العطاء المتواصل.

وبعد الزيارة ذهبت وصديقي عمر الشريف إلى مكان الاحتفال بمئوية المتحف، الذي أقيم داخل قصر محمد علي بالمنيل، وكان أول احتفال بمتحف الفن الإسلامي هو ذلك الحفل الذي أقامه عباس حلمي الثاني أمام مدخل المتحف في باب الخلق.. وحضره كثيرون من علية القوم والكتاب والفنانين والشخصيات العامة والوزراء..

أما فقرات الحفل فتنوعت بين ألوان الفنون وكأنها تستعرض ألوانا مختلفة من الفن مثلما هو حال المعروضات داخل جدران المتحف، وكان الحفل من إخراج الفنان وليد عوني..

ليت العالم كله يأتي لزيارة متحف الفن الإسلامي في باب الخلق ليرى عظمة الحضارة الإسلامية التي دفعت الحضارة الغربية خطوات إلى الأمام بفضل الطبيب والكيميائي والمهندس والفيزيائي والأديب والفيلسوف المسلم.. وأبدا لم يذكر لنا التاريخ عن وجود إرهاب أو ظلام في هذه الحضارة التي يظلمها الآن كثيرون عن جهل أو عن قصد.. ونيات مبيتة!