بيزكوف.. روستوف.. دولغوف .. دنيسوف.. إلخ

TT

ربما كان الروائيون الروس، ربما، كانوا الأهم في العالم. هناك طبعا كبار آخرون في الرواية، وفق ما هو متفق عليه عالميا. بلزاك وبروست في فرنسا. فولكنر وهمنغواي في الولايات المتحدة. ماركيز وفارغاس يوسا في أميركا الجنوبية. جويس في آيرلندا. كازنتزاكيس في اليونان. ولكن تظل الرواية الكبرى جيل الروس الكبار: دوستويفسكي وتولستوي وتورجنيف وباسترناك وأكبر عدد ممكن أن يسموا في هذا النوع الأدبي الصعب، والذي لا يزال يجتذب أكبر عدد من القراء في أي مكان من العالم.

لست ناقدا للرواية الروسية ولا أستحق أن أعطيها علامات تقييم أو أن آخذ منها. منذ سنوات المراهقة وأنا أقرأها وأعيد قراءتها. وكلما فعلت ازددت قناعة بأن التوافق العالمي على مكانة الروس، منذ القرن التاسع عشر، لا يزال في محله.

لكنني توصلت، متأخرا جدا على الأرجح، إلى ملاحظة بسيطة: كثرة الأشخاص في الرواية الروسية، تبلبل، وتجعل المتابعة صعبة. تعمد تولستوي في ملحمته الكبرى «الحرب والسلم» أن يحشد نحو 500 اسم. لا أعرف كيف يمكن للكاتب أن يلاحق 500 شخص، لكنني واثق من أن القارئ العادي غير قادر على ذلك مهما كانت إمكاناته ومهما كانت ذاكرته.

أعود إلى دوستويفسكي كيفما اتفق، ومن رواية إلى أخرى، وغالبا دون أن أنهي أيا منها. وأنهي روايات تولستوي عادية الحجم. لكن كلما عدت إلى «الحرب والسلم»، التي أكتشف فيها جديدا كل مرة، لا ألبث أن أضيع في لعبة الأسماء التي أجادها الكونت الجليل والإنسان الرائع. إليكم مقطعا صغيرا ودليلا كبيرا على ما أعني: «على الرغم من أن دنيسوف طلب إلى روستوف ألا يشارك في الأمر على الإطلاق، فقد قبل روستوف أن يكون شاهد دولغوف (في المبارزة) فبحث، بعد الغداء، الترتيبات مع نزرفتسكي، شاهد بيزكوف. وعاد بيار إلى منزله ولبث روستوف ودولغوف ودنيسوف في النادي يصغون إلى أغاني الغجر».

من قبيل اللطف بقرائه، لا يقول لنا الشيخ الكبير، اسم رئيس النادي وأسماء أعضاء مجلس الإدارة، ولا يعدد الأغاني التي رددها الغجر ذلك المساء. الحقيقة أن كثرة الأسماء في الرواية الروسية متعبة مثل كثرة المبارزات التي تنتهي دوما بمقتل الأوادم. وكان أشهرهم شاعر روسيا الذي لم يتكرر، ألكسندر بوشكين. لماذا الشعراء قلة في روسيا والروائيون قلة؟ لا أدري. ولا أدري لماذا العكس صحيح في بريطانيا.