منافسة كروية أم مغامرة أمنية؟

TT

«30 ألف عنصر أمني لضمان الحماية الأمنية لـ«خليجي 20». هذا ما صرح به وزير الرياضة والشباب اليمني، حمود عباد، في رده على جهوزية اليمن من الناحية الأمنية لاستضافة بطولة كأس الخليج لكرة القدم. يقول الوزير اليمني إن الاحترازات الأمنية في اليمن تشبه ما تم في جنوب أفريقيا المستضيفة لكأس العالم في يونيو (حزيران) الفائت، حيث سخرت الحكومة عشرات الآلاف من العناصر الأمنية لحماية الوفود والمنشآت. مبدئيا، هذا صحيح، فدولة جنوب أفريقيا واجهت تهديدات من تنظيم القاعدة لتخريب المهرجان الكروي الأربعي، وحتى لو لم يكن هناك تهديدات من «القاعدة»، فالاستعداد الأمني من أولى الأمور التي ينظر إليها بالاعتبار في التجهيز للمحافل العالمية، سواء رياضية أو غيرها.

ولكن الحقيقة أن عدن ليست جوهانسبورغ، ولا كيب تاون هي أبين.

الأخبار المقبلة من اليمن أو عن اليمن تقول إن مقر المخابرات والأمن العام في أبين تم استهدافه، وسقط الكثير من الضحايا، أعقبه هجوم على مقر الاستخبارات في عدن، وفي أوائل الشهر الماضي قتل أربعة أشخاص في تفجير استهدف ملعب الوحدة الرياضي الذي يستضيف مباريات «خليجي 20» في عدن، لاحِظُوا؛ ملعب رياضي! ومؤخرا توقفت شركات الشحن العالمية المعروفة عن نقل الطرود البريدية من اليمن بعد اكتشاف طرود بريدية مفخخة بمواد قابلة للانفجار، ثم مؤخرا تفجير خط أنابيب نفط في شبوة..

يعود الوزير للتأكيد على أن عدن هي أكثر المدن أمنا في اليمن، وربما في الجزيرة العربية.

السؤال هنا: هل حقا اليمن أرض مناسبة لإقامة احتفالية كروية خلال ثلاثة أسابيع من الآن؟

إن إقدام الدول الخليجية على إرسال وفودها الرياضية الرسمية وجماهيرها إلى عدن وأبين، المناطق التي تعرضت أكثر مؤسساتها حصانة أمنية؛ المخابرات والشرطة، إلى هجوم مسلح من تنظيم القاعدة، إنما هي مغامرة كبيرة. ولن يكون من المستغرب حصول عمل عدواني من تنظيم القاعدة أو عناصر الحوثيين المختبئين في الجنوب أو من أفراد الحراك الجنوبي غير المرحبين بالوفود المقبلة، إنما سيكون من العجب ألا يحصل شيء.

الرياضة كما السياحة، مهمة، ولكنها ليست أولوية في ظروف الحرب، وأيضا الرياضة كالسياحة يجب أن تتم في أجواء من الأنس والمتعة التي لا تتحقق إلا في أجواء من الاستقرار الأمني التام. والخيارات مفتوحة لتغيير بلد الاستضافة إلى دولة خليجية أخرى أكثر استعدادا كدولة البحرين، على أن يحفظ حق اليمن في استضافة لاحقة إن تحسن وضعه الأمني عما هو عليه الآن.

عموما، إن مضت اتحادات دول الخليج الرياضية في إرسال منتخباتها إلى اليمن وفشل تنظيم القاعدة في القيام بعمل تخريبي للبطولة، فسيسجل ذلك انتصارا للقوات الأمنية اليمنية، وستبدو اليمن أكثر صمودا من أي وقت مضى، إنما حصول العكس هو نهاية لكل ما تبقى من أمل لأهل اليمن في أن يعيشوا حياة طبيعية أسوة بأشقائهم الخليجيين الذين تستضيفهم، وسيكون لهذا الأمر إن حصل - لا قدر الله - تداعيات أمنية وسياسية، نحن في غنى عنها.

هذا تحدٍّ كبير بالنسبة للحكومة اليمنية، ولكن من الأجدر أن يظل هذا التحدي داخليا، فالساحة مفتوحة داخل اليمن للحكومة لإثبات قدرتها الأمنية ضد تنظيم القاعدة، أو قوتها في إحكام قبضتها على ثوار الداخل، دون الحاجة لاستضافة شهود إثبات من الخارج.

* أكاديمية سعودية

- جامعة الملك سعود

[email protected]