غلطتنا الكبرى أننا لم نلعب!

TT

قال لي أستاذنا عباس العقاد: ليس أقل من طه حسين.. وقال لي الشاعر عزيز باشا أباظة: ليس أقل من العقاد. فقد كان طه حسين يتقاضى مائتي جنيه عن البرنامج.. أما عزيز أباظة فترك المبلغ لعمال التلفزيون..

وعندما نشرت الصحف أن الأستاذ العقاد تقاضى مائتي جنيه. كلمني الأستاذ غاضبا قال: هل يستكثرون على العقاد الذي قرأ خمسين ألف كتاب مثل هذا المبلغ.. إن أي مطرب صرصور يتقاضى ضعفي هذا المبلغ.. فما الدهشة والغرابة والعجب.

وأستاذنا توفيق الحكيم مات بحسرة أن لاعبا لكرة القدم اشتروه بمبلغ عشرين مليون جنيه.. مع أن هناك لاعبين من أميركا اللاتينية قد بيعوا بستمائة مليون جنيه. تصور! ولذلك قال الحكيم عبارته المشهورة: انتهى عصر القلم وبدأ عصر القدم. وقال أيضا: إن الأدباء منذ أيام الكاتب المصري الجالس القرفصاء حتى اليوم لم يتقاضوا ما يساوي جزمة أي لاعب!

وكان أهالينا عندما يضيقون بنا يقولون لنا: روح العب - أي لا داعي ولا أمل في المذاكرة. ولم يخطر على بال أحد منهم أن «روح العب» هذه هي العبارة والنصيحة التي يجب أن تقال.. وكان من الواجب أن نعمل بها..

إنها الجزمة وليس القلم. يسقط القلم تعيش الجزمة. والله يسامح أهالينا.. لم يوجهونا إلى الملعب الصحيح!

ولأننا صغار لا نعرف الفرق بين الجزمة والقلم والمسطرة والمحبرة، اتجهنا إلى المدارس إلى الورق والكتب والدروس الخصوصية وإلى الكومبيوتر وإلى الرقص والمخدرات من كل نوع..

ويوم الإجازة نذهب إلى ملاعب الكرة نمشي ونجري. ولم تنتقل العدوى إلينا عدوى اللاعبين أصحاب الملايين، اللاعبين المراهقين الذين ليس في وسعهم أن يعدوا ما لديهم من فلوس.. إنهم قادرون على أن يعدوا أصابع القدمين وليس اليدين. فقد اكتشفوا أن اليدين وأصابعهما ليست مصدرا للفلوس.. فالفلوس تحت؛ في الجزمة..

هل هناك من كلام يضاف؟ نعم، الله يسامح أهالينا الجهلاء الذين علمونا - كما تعلموا هم - أن الفقر زينة الحياة الدنيا!