قل: أشهد أن لا إله إلا الله

TT

لا أدرى ما حكم هذا؟!

وإليكم الحكاية من أولها، فقد قبضت السلطات على أحد الأشخاص وفي حوزته مبالغ نقدية مزيفة، وقد دافع هو عن نفسه بالحجة التالية قائلا:

إنني عثرت على هذه المبالغ في (طرد) ملقى في زاوية مظلمة في إحدى المحطات، وعندما فتحته وجدته يحتوي على هذه النقود، فتوجهت للصحيفة (الفلانية) ونشرت الإعلان التالي:

يوجد لدي طرد يحتوي على مبلغ كبير من المال، وإنني على استعداد أن أعيده لصاحبه إذا أعطى وصفا صحيحا لما فيه.

وقد مر على إعلاني ذلك سنة كاملة بالتمام، وعندما لم يتقدم أحد لإثبات حقه اعتبرتها (لقية) من الناحية الشرعية، وتصرفت بها دون أن أعلم أن تلك النقود مزيفة.

وعندما رجع رجال التحقيق لتاريخ عدد تلك الصحيفة وجدوا الإعلان فيها صحيحا، فأسقط في أياديهم، واحتاروا كيف يتصرفون؟!، خصوصا أن ذلك الرجل قد بعثر ما لا يقل عن (90 %) من تلك المبالغ على ملذاته ومشترياته وتبرعاته للجمعيات الخيرية بكرم منقطع النظير؟!

فهل تلك المبالغ تعتبر حلالا زلالا على قلب ذلك الرجل؟!، أم أنه يجب أن ينال العقاب؟!.

أرجو أن لا يذهب سوء الظن بأحد القراء الخبثاء - وما أكثرهم - ويعتقد أنني ذلك الرجل الذي وجد تلك النقود المزيفة وصرفها على ملذاته، لا والله إنني لست هو، ويا ليتني كنت.

* * *

قبل عدة سنوات قدر لي أن ألقي محاضرة في النادي الأدبي بأبها، وبعد أن انتهيت وأخذت بعضي خارجا من النادي، وإذا بأحد الحاضرين يستوقفني ويبدي لي إعجابه بالمحاضرة، وشكرته بالطبع على شعوره وقد داخلني الكثير من الزهو كعادتي.

فطلب هو مني إعطاءه أوراق المحاضرة التي ألقيتها، فاعتذرت منه بسبب أن مندوب الجريدة (الفلانية) قد أخذها مني، فسألني: متى سوف يعيدون نشرها؟! فقلت له (مازحا): ربما يكون ذلك بعد وفاتي.

وفوجئت به يشد على يدي قائلا: أتمنى أن يتم ذلك في أقرب وقت.

تركت ذلك الرجل المعجب وقد تطيرت من أمنيته، قائلا بيني وبين نفسي: أعوذ بالله، فالك في (.............).

ومن الصدف الغريبة أنني في اليوم الثاني، انطلقت بسيارتي من أبها قاصدا جازان عبر الجبال الشاهقة، وعند أحد المنحنيات الخطرة، قرأت لافتة مكتوبا عليها: قل: أشهد أن لا إله إلا الله، فتخلخلت مفاصلي وأنا أنظر عن يميني إلى الهاوية السحيقة، وتذكرت أمنية ذلك الرجل المعجب الذي شد على يدي، فاعتقدت أنها النهاية، وكدت أستسلم وأغمض عيني مسترجعا مقولة: جاك الموت يا تارك الصلاة - مع أنني ولله الحمد لا أترك فرضا - لولا أن الله ستر، وعمر الشقي بقي مثلما يزعمون.

بعدها هاتفت المسؤول عن أمن الطرق، طالبا منه عدم وضع مثل تلك اللافتات التي تخلخل مفاصل الجبناء من أمثالي، خصوصا عند المنحنيات الخطرة.

[email protected]