الألبسة المميزة

TT

كان ملوك ونبلاء أوروبا وآسيا في القرون الماضية يرتدون ثيابا مزركشة تميزهم عن العامة. ألوان زاهية، وأقمشة من حرير مطرز وموشى بخيوط الذهب. وفي القرن الماضي تلاشت هذه العادة، ولم يعد ملك كالعاهل الإسباني، سليل آل بوربون، يرتدي زيا مختلفا إلا الثوب العسكري في المناسبات الوطنية، باعتباره القائد الأعلى للقوات المسلحة.

بعض قادة أفريقيا فعلوا العكس.. كانوا يلبسون مثل مواطنيهم، فصاروا مثل مهراجات الهنود في الزمان الغابر. أثواب مزركشة وأقمشة حريرية وألوان مهرجانية. وبدل مواكب الفيلة صارت مواكب «مرسيدس»، لها أول ولا آخر لها، ولا معنى لطولها وحجمها من حيث الضرورات الأمنية، وإنما من حيث الضرورات الوهمية، ومن أجل تأكيد الفارق الطبقي بين الحاكم والمحكوم. ولا تقتصر هذه المظاهر على الحكام، بل تتعداهم إلى رؤساء الحكومات وبعض السياسيين. ويطلق الأفريقيون على وزرائهم تندرا لقب «وابنزي» أو «أصحاب سيارات المرسيدس بنز».

وتقول وانغاري ماثاي، حاملة نوبل للسلام، إنه في حين يسخر المتعلمون وأهل المدن من هذه المواكب، فإن أهالي الأرياف ينظرون لها بتقدير واحترام، فالثروة ما زالت تبهرهم، خصوصا أنهم غارقون في الفقر والمجاعات. ولذا فإن أول ما يفعله الحاكم الجديد هو أن يجرد الحاكم القديم وبطانته من جميع مظاهر السطوة والنفوذ. ولذلك أيضا تنتشر عمليات تزوير الانتخابات، كما حدث في كينيا وزيمبابوي، حيث لا يزال روبرت موغابي يقيم أعراسه ويربح الجائزة الأولى في اليانصيب الوطني، ويتألف موكبه من سيارات الـ«رولز رويس» بل والـ«مرسيدس بنز».

يحاول بعض زعماء أفريقيا أن يرسموا لأنفسهم صورا خيالية، تبدو مضحكة للخارج، لكن شعوبهم تدفع الثمن غاليا. هكذا حدث مع جان بيدل بوكاسا، الرقيب الذي جعل نفسه إمبراطورا، ومع جوزيف موبوتو، الباش جاويش الذي ترك الكونغو بلدا ممزقا كما مزقت الكلاب الجائعة الرقيب صامويل دو، الذي استولى على ليبيريا بأن قتل جميع رجال الدولة على شاطئ البحر.

تغاضت «الأسرة الدولية» عن مظاهر العبث الأخلاقي لأنها كانت تتنافس على الثروات والفرص. السياسيون يمارسون السلطة بوقاحة فاقعة، و«الدوليون» يمارسون الممالأة بوقاحة شريكة في إفناء الشعوب.