دعاء لطيف هادئ مبتكر

TT

الدكتور فؤاد مصطفى عزب، ذهب للصلاة يوم الجمعة في مسجد (كانسس ستي) في أميركا، وصادف ذلك اليوم أنه مناسبة (يوم الأب)، واستغلها إمام المسجد فرصة لكي ينهي خطبته بهذا الدعاء الجميل الذي استحسنته، ولا أستبعد أن بعض الأئمة في مساجدنا العربية لا يستسيغونه، أو في أبسط الأحوال يعتبرونه ضربا من السذاجة، خصوصا أنه خال تماما من أي تشنج أو وعيد أو تهديد أو دعاء بعظائم الأمور، وجاء في هذا الدعاء اللطيف والهادئ والمبتكر:

«يا إلهي اجعلني أبا فاضلا.. علمني أن أفهم مشاعر أبنائي، وأن أتعامل معهم بالعطف والتسامح، وأن أنصت بصبر وتأن إلى ما يرغبون قوله لي، وأن أجيب عن جميع أسئلتهم وتساؤلاتهم بصدر رحب، أدعوك يا إلهي أن تمنحني القدرة على عدم مقاطعتهم وأن لا أخاطبهم بفظاظة، أو أن أناقض ما أدعوهم إلى فعله، أسألك يا رب أن تعينني على أن أعاملهم بلطف وكياسة تماما مثلما أريدهم أن يعاملوني، أدعوك يا رب أن تمنحني الشجاعة لكي أعترف بأخطائي نحو أبنائي، وأن أطلب منهم الصفح والعفو كلما شعرت بأنني قد أسأت إليهم، رب لا تجعلني أجرح مشاعرهم أو أن أقوم بالاستهزاء من أخطائهم، أو أن ألجأ في عقابهم إلى إشعارهم بالخزي والخجل والسخرية، رب ساعدني أن لا أغوي أبنائي وأن لا أدفعهم إلى الكذب أو السرقة، وأرشدني في جميع المواقف لكي أكون القدوة الصادقة لهم في كل عمل أو قول أو فعل، أدعوك يا إلهي أن تجعلني أكف عن التذمر والشكوى أمامهم، وأن تساعدني يا رب أن أمسك بلساني عند انحراف مزاجي.. أدعوك يا رب أن تحجب عن ناظري الأخطاء الصغيرة التي يرتكبها أبنائي، وأن تساعدني على رؤية الأشياء الحميدة التي يقومون بها، امنحني يا رب الكلمة الجاهزة والمناسبة للتعبير عن المديح الصادق لكل عمل حسن يؤدونه، ساعدني يا رب على أن أكبر وأنمو مع عقلية أبنائي وأن أعاملهم بعدالة وألا أستثنيهم من القناعات التي يؤمن بها الراشدون، وأعني على أن لا أحرمهم من فرصة الاعتماد على أنفسهم وفرصة التفكير والاختيار واتخاذ القرارات، أسألك اللهم أن تمكنني من تحقيق جميع رغباتهم الأساسية التي تساعدهم على تحقيق كينونتهم كأفراد صالحين في مجتمعهم، وأن تمنحني الشجاعة لكي أمنع عنهم الامتيازات التي قد ينطوي منحي لهم إياها على الإضرار بهم، اجعلني يا رب جديرا بحب أبنائي وتقديرهم، اللهم امنحني هدوء الأعصاب ورباطة الجأش وضبط النفس، واهدهم ويسر لهم سبل النجاح والإيمان بك، وأبعد عنهم المساوئ والمصائب والآثام.. آمين».

وأنا معه أيضا أقول: آمين، وآمين كمان.

غير أن سؤالي الذي قد لا يكون في مكانه هو:

هل مثل هذا النهج اللطيف الهادئ، يصلح لخطباء يوم الجمعة في المساجد ببلادنا العربية؟!

إنه سؤال لا هو بالبريء ولا هو بالخبيث.

[email protected]