كارتر يتذكر

TT

يدون جيمي كارتر في «مفكرة الشرق الأوسط» يوميات مرحلة مفصلية من تاريخ العالم وتاريخ الشرق الأوسط. محاضر حرفية للقاءاته ومحادثاته مع قادة المنطقة ثم انطباعاته عن كل منهم. نراه بعد ثلاثين عاما يكتب بصراحة لم نألفها في مذكرات أي رئيس أميركي آخر. وها هو يقول بالحرف إن «مناحم بيغن جعل من نفسه حمارا بتصرفه». ويبلغنا أن الرئيس الفرنسي جيسكار ديستان كان ضد إسرائيل ويؤيد العرب. ولذا عندما قرر بيغن زيارة فرنسا، اشترط جيسكار سلفا أن يصدر بيان محدد عن الزيارة، فلما رفض بيغن ذلك، ألغيت الزيارة.

يقول كارتر: «لم أكن أحلم بأن مناحم بيغن، الذي أعلنته بريطانيا في الماضي إرهابيا فظا في المنطقة، سوف يربح الانتخابات ويصبح زعيم إسرائيل. وكان بيغن قبل استقلال إسرائيل عام 1948 قد تزعم جماعة متطرفة تعرف بالأرغون، ثم أصبح في ما بعد زعيما لحزب الليكود».

ذلك العام، 1977، يستقبل كارتر ولي العهد السعودي الأمير فهد بن عبد العزيز ووزير الخارجية الأمير سعود الفيصل. كان ولي العهد صريحا ومباشرا ووديا. وكانت تهمه القضية الفلسطينية أكثر من جميع القضايا الأخرى في الشرق الأوسط، مصرا على انسحاب إسرائيل من جميع الأراضي الفلسطينية المحتلة.

في يناير (كانون الثاني) 1978، نرى كارتر زائرا في الرياض: «إنهم القادة الوحيدون ممن التقيت، الذين يريدون دولة فلسطينية مستقلة حقا. الباقون لا يعطون الأمر أكثر من دعم لفظي، لكي لا يغضبوا السعوديين». يقول: «كان الأمير فهد ملما بجميع التفاصيل، من القرن الأفريقي إلى الوضع النفطي إلى مخاطر تقلب الدولار» لكن همه الأكبر كان الدولة الفلسطينية ونزع فتائل الاضطرابات في المنطقة. ومن هذه الزاوية كان ينظر إلى معاهدة كامب ديفيد، مما طمأن الرئيس أنور السادات «الذي قال لي إن مناحم بيغن يفاوض مثل البقالين».

يستقبل كارتر في البيت الأبيض السفير السعودي الأمير بندر بن سلطان: «وهو يحمل رسالة من ولي العهد الأمير فهد، يعرب فيها عن رغبته في بسط السلام في الشرق الأوسط، ومن أجل ذلك فهو يعرض مشروع تنمية على غرار مشروع مارشال (إعمار أوروبا بعد الحرب) موازنته الأولى نحو 20 مليار دولار. وعادت النيات السعودية فتأكدت في مبادرة الملك عبد الله عام 2002 التي وافقت عليها 21 دولة عربية و56 دولة إسلامية بينها إيران».

يعرض كارتر فصولا عدة للضجة التي أثيرت حول علاقة شقيقه، بيلي، بالحكومة الليبية. ويروي أن بيلي، الذي حل في مزارع الفستق مكان شقيقه، اتفق مع طرابلس على استيراد النفط الليبي إلى ولاية جورجيا. لكن ذلك أثار إحراجا شديدا ومساءلات كثيرة للبيت الأبيض، مما اضطر كارتر إلى عقد مؤتمر صحافي يؤكد فيها عدم معرفته بأي عمل يقوم به شقيقه. غير أنه يقر بأن الشقيق كان يفرط في الشراب.