رسالة لمن يريد مساعدة العراق

TT

رغم كل ما يحدث في العراق من تفاصيل تشكيل الحكومة، وخلافه، فإن الأمر الأهم والأكثر إلحاحا هو ضرورة العمل على حماية العراق من قادم الأيام، وضمان أن لا يصبح لقمة سهلة لإيران وحلفائها بعد الانسحاب الأميركي في 2011، وكذلك ضمان عدم تكرار ما حدث بعد الانتخابات الأخيرة وبقاء البلاد دون حكومة لمدة ثمانية أشهر، ناهيك عن تجاهل نتائج صناديق الاقتراع.

فلا بد من استراتيجية واضحة توضع من قبل العراقيين الحريصين، والدول العربية المعتدلة بالتعاون مع الغرب، وعلى رأسه أميركا، لضمان عدم استمرار التغلغل الإيراني في العراق، وهذا أمر لا يتم إلا بإدراك أهمية حقيقية وهي عدم العمل على دعم طوائف، بل تقوية الحس الوطني، ودعم الشخصيات العراقية من شيعة وسنة وأكراد ومسيحيين وجميع مكونات البلاد، وضرورة تعميق المصالحة الوطنية، وتعديل بعض مواد الدستور لضمان أن يكون ضمانة للعراقيين جميعا، وليس فئة على حساب الأخرى.

واشنطن تقول إنها لم تضحِ بأبنائها وأموالها لتترك الإيرانيين يشكلون الحكومة العراقية، وهذه رؤية ناقصة، فالصحيح هو أنه يجب أن لا يترك العراق كله، وليس تشكيل حكومته فقط للإيرانيين. هذا من ناحية أميركا، وبالنسبة للعرب، وتحديدا السعوديين، والمصريين، فيجب ألا يضاف العراق إلى سلة همومنا الأخرى مثل لبنان. ولذا، فلا بد من العمل على استراتيجية واضحة مع المجتمع الدولي، وتحت مظلة الأمم المتحدة، ومشاركة العراقيين الحريصين على بناء عراق مستقل وذي سيادة، ومن الآن، وليس الانتظار طويلا حتى يقع الفأس بالرأس.

وبالتالي، فيجب ألا ننساق خلف الشعارات ونرحب بالانسحاب الأميركي فقط. فهذا وهم، وخدعة كبرى، فهناك من هو مستعد لملء الفراغ مباشرة، مثل إيران وحلفائها. ولذا، فلا بد أن يسرع العمل بضمان بقاء قوة دولية، وتحت مظلة الأمم المتحدة في العراق لتضمن عدم انزلاق البلاد إلى أي نوع من أنواع العنف، وحماية العراق من الاحتلال المبطن من قبل إيران مثل ما يحدث في لبنان اليوم من خلال حزب الله.

لذا؛ فالمطلوب بقاء قوة حلفاء على غرار ما حدث في ألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية، ولا بد من إيجاد رزمة اقتراحات تعمل الأمم المتحدة على مراقبة تنفيذها بالنسبة للإصلاح السياسي، وضمان الحرية الإعلامية لمراقبة الفساد، وتفعيل الحركة التعليمية، وإلغاء كل مظاهر الطائفية.

وكل ذلك لا يمكن أن يتم دون إشراف دولي ممرحل، وتحت رقابة دقيقة، بل ويجب أن لا يتم التساهل مع الديون العراقية، ورفع العقوبات الدولية المسبقة دون تنفيذ رزمة الاقتراحات الإصلاحية.

ملخص القول إن العراق في حاجة إلى دعم علمي، وتقني، ومراقبة، وبقاء قوات دولية، ودعم لكل الشخصيات الوطنية، من كافة المكونات، وليس الاعتماد على طوائف تعمق الانقسام الطائفي، أو شخصيات محددة يسهل اغتيالها، وتصفيتها، أو ترهيبها.

هذه هي الرسالة لكل من يريد مساعدة العراق وإعادته إلى وضعه الطبيعي، وهي أيضا رسالة للأميركيين إذا كانوا حريصين على دماء أبنائهم، وعلى ما أنفقوه من مال ووقت هناك، وإذا ما أرادوا أن يكون مشروعهم في بغداد ذا تأثير إيجابي على كل المنطقة أيضا.

[email protected]