مع التقدم العلمي والتكنولوجي الحالي المذهل في جميع المجالات، وبخاصة الاتجاهات الحديثة مثل النانوتكنولوجي (التقنيات المتناهية في الصغر) والخلايا الجذعية وهندسة الأنسجة وطب التجديد والطاقة المتجددة والروبوتات، تتجه دول العالم المتقدمة نحو تأكيد أهمية «التنوير العلمي» Scientific Literacy لجميع فئات المجتمع، وبخاصة الأجيال الناشئة، وإعادة النظر في برامج ومناهج وطرق تدريس العلوم وإعداد وتأهيل مدرسي العلوم والرياضيات وفق رؤية واضحة، بهدف تنمية التفكير العلمي وتبسيط العلوم وتأصيل ونشر الثقافة العلمية على مستوى التعليم العام والجامعي، وغرسها في فكر ووجدان وسلوكيات عامة الجمهور، لإعداد أجيال علمية مبدعة تؤمن بأهمية العلم والتكنولوجيا والتطورات والإنجازات العلمية في صياغة وصناعة الحاضر والمستقبل.
وإسهاما من جيل رواد العلم والتنوير العلمي في مصر والعالم، في إحياء قيمة العلم والتكنولوجيا وأهمية الريادة العلمية وإعداد أجيال علمية على دراية بالتطورات والإنجازات العلمية، واستكمالا لمسيرة علمائنا العرب والمسلمين، أمثال ابن سينا والرازي والفارابي وابن الهيثم والخوارزمي وغيرهم ممن أسهموا في تطور مسيرة العلم والتكنولوجيا في الماضي والحاضر، وأن المرء ليذهل عندما يزور كبريات الجامعات الغربية ليرى نصبا تذكاريا لهؤلاء الرواد العرب والمسلمين لما قدموه واعتمدت عليه حضارة ومعارف الغرب.
لذا، فقد أدرك كوكبة من رواد العلم في مصر والعالم، أهمية استكمال مسيرة روادنا العرب والمسلمين، لإحياء العلم والثقافة العلمية في مجتمعاتنا العربية، وبخاصة مع التطورات والإنجازات العلمية العالمية السريعة المذهلة، التي تؤكد أهمية تنمية التفكير العلمي ونبذ التفكير الخرافي والأنماط السلبية في التفكير والسلوكيات غير السوية، التي هي جميعا نتاج لغياب الاهتمام بالعلم والثقافة العلمية. ففي يوليو (تموز) الماضي، في مكتبة الإسكندرية، تم رسميا تدشين وإطلاق «جمعية عصر العلم»، برئاسة فخرية ورعاية مباشرة من العالم المصري العالمي الدكتور أحمد زويل وعضوية كل من الدكتور فاروق الباز والدكتور مصطفى السيد، وتضم في عضوية مجلس إدارتها كوكبة من رواد وصفوة العلماء المصريين، لتكون انطلاقة فاعلة نحو نشر الثقافة العلمية وتبسيط العلوم بين جميع فئات المجتمع.
و«جمعية عصر العلم»، جمعية أهلية غير حكومية وغير هادفة للربح، من بين أهدافها: الارتقاء بمجالات المعرفة ونشر الثقافة العلمية والعلوم الحديثة وتحقيق التواصل والتفاعل بين العلماء المصريين في الداخل والخارج للاستفادة من خبراتهم وللإسهام في حل مشكلات المجتمع وتقديم الحلول المناسبة، بالإضافة إلى عقد مؤتمرات وورش عمل وحوارات ومنتديات لعرض وجهات النظر والمقترحات العلمية في سياسات وبرامج تطوير التعليم والبحث العلمي في ضوء الاتجاهات والاهتمامات العالمية الحديثة، وإصدار نشرات دورية عن أنشطة وفعاليات الجمعية وإطلاع الأعضاء على آخر ما نشر في الأوساط العلمية والبحثية، وتطوير وتنفيذ برامج ومبادرات لزيادة المحتوى العلمي باللغة العربية (المرئي والمسموع) على شبكة الإنترنت، وسوف تقوم الجمعية بتنظيم «أسبوع العلوم» بهدف نشر الثقافة العلمية بين جميع فئات المجتمع وسيتم من خلاله تكريم الرموز العلمية المتميزة، وإقامة معرض لتبسيط العلوم والمسابقات العلمية لطلاب المدارس، بالإضافة إلى ندوات وورش عمل حول موضوعات وقضايا علمية مختلفة وحديثة وبأسلوب جذاب وممتع.