كيف يتحول الإنسان إلى وحش كاسر؟

TT

قبل أن أدخل في الموضوع يسعدني أن أتقدم بصادق التهنئة للقراء الكرام بعيد الأضحى المبارك..

ابتلي العالم الإسلامي، والعربي على وجه الخصوص، بما يسمى: (الإسلام السياسي)، وأكثر ثلاثة أشخاص تبنوا هذا المشروع هم: حسن البنا الذي أنشأ جماعة الإخوان المسلمين، وسيد قطب، وعبد الله عزام، وأكثر الثلاثة علما وعمقا وتأثيرا هو قطب الذي سوف نقصر حديثنا عليه فيما بعد، فالبنا كان يحمل هالة أكبر منه رسخها في أذهان مريديه مصرعه، وعزام رجل انتهازي استغل التحاقه بالتدريس في جامعة الملك عبد العزيز، واستطاع إقناع بعض المشايخ إبان وجود الاتحاد السوفياتي في أفغانستان، وأخذ يتنقل بين المدن والقرى السعودية ويجمع التبرعات ويغسل أدمغة الشباب المتحمس فتدافعوا بالآلاف بحثا عن الشهادة لكي تفوح من جثثهم روائح المسك والعنبر!

وأشهر 3 إرهابيين هم أسامة بن لادن - تلميذ عزام - وهو لا يحمل من العلم الشيء الكثير، ولكنه يحمل فقط من السذاجة والمال الكثير، فاستغلته الذئاب أخطر استغلال، والثاني الظواهري الذي ترك مهنة الطب وتفرغ للثرثرة الجوفاء برسائله الفضائية، والثالث الزرقاوي الذي ليس فيه من المزايا غير الجهل والتهور.

أعود إلى المهم، وهو قطب، وأعجب كل العجب كيف تحول ذلك المثقف الناصح الفكر بين عشية وضحاها إلى رجل جر البلاد والعباد إلى دروب مهلكة؟!

تصوروا هذا الإنسان الذي كان ناقما على الخلافة العثمانية ويقول فيها: «إن خمسة قرون كاملة حطمت كيان المجتمع المصري واقتصاداته وأخلاقه». عاد بعد ذلك يحن لها ويدعو إليها.

وإليكم ما كان يقوله في مجال العلم: «ما الذي تعرفه المكتبة العربية مثلا عن مذهب النشوء والارتقاء، وعن نظرية النسبية، وعن مذهب فرويد وتلاميذه، ثم عن الرمزية والريالزم والسوريالزم، ثم عن المذاهب الاجتماعية الحديثة، ثم عن الفلسفة المعاصرة، السابقة خلال مائة عام فقط في العالم؟!

لا شيء إلا نتفا صغيرة عن هذه المذاهب، لا عن أصولها، في أعمال المؤلفين المصريين تدل على التأثر بما قرأوا دون تحديد مواضعه!» - بعدها انقلب على كل هذا وجنح منغلقا.

وعن المرأة كان يقول: «لقد عاشت المرأة المصرية في ظلام العصور، تتنفس بمقدار، كما تتنفس السمكة في الماء، وتبصر النور من خلال (الشيش) حقيقة ومعنى! وظل مجتمعنا المصري محروما من ندوات المرأة وفضائلها الكامنة، ظل مجتمعا جافا كئيبا موحشا. وكان لهذا أثر سيئ في أخلاقنا وفي تقاليدنا وتربيتنا وفنوننا وكل مظاهر نشاطنا وحيويتنا.

وسيختار أحفادنا زوجاتهم من زميلات الدراسة، وصواحب النادي، ورفيقات الطريق. وسيكونون سعداء في حياتهم، موفقين في زيجاتهم، لأنهم درسوا خطيباتهم، ولاءموا بينهم وبين عصرهم الذي سيكونون فيه».

وعن الفن كان يقول: «فالفن ليس أمرا كماليا، لأنه ضرورة نفسية تعادل الضرورة الجسدية، فإذا اقتضى الجسد وإشعاعاته الذهنية مطالب وضرورات لا بد منها لدوام الحياة، فإن الروح تقتضي كذلك مطالب وضرورات لا بد منها لرقي الحياة».

وعن نظرته للأجانب يقول: «لنقرأ ما كتب في لغاتهم من وصف البيت الإفرنجي ومباهجه، ثم لنحاول في صبر طويل محاكاتهم في إحياء بيوتنا وبث روح الفرح والنشاط بين جدرانها، ولعلنا نوفق بعد عمر طويل».

وما إن بدأ في مرحلته الأخيرة حتى انقلب إلى وحش، ضاربا بكل أقواله وأفكاره الماضية عرض الحائط، متحولا إلى إنسان عدواني. كفر فيها (99%) من المجتمع دون أن يرف له رمش.

هناك الكثير والكثير من الأقوال التي يمكن أن نسلط عليها الضوء، لولا أن الحيز ضيق ولا يسمح بالمزيد.

[email protected]