لماذا ينبغي التصديق على معاهدة ستارت الجديدة؟

TT

على مدى عقود راقب المفتشون الأميركيون القوة النووية الروسية، مسترشدين بمقولة الرئيس الأميركي الأسبق رونالد ريغان «الثقة لكن التحقق».

لكن منذ أن انتهت اتفاقية ستارت القديمة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، اعتمدنا على الثقة فقط.

وحتى تدخل الاتفاقية الجديدة حيز التنفيذ، لن يتمكن مفتشونا من الدخول إلى منصات إطلاق الصواريخ الروسية وستفتقد أضخم ترسانة نووية في العالم الاستقرار الذي يأتي عبر نظام التفتيش القوي. وعليه نحث أعضاء مجلس الشيوخ على الموافقة، قبل انتهاء الدورة التشريعية الحالية، على الاتفاقية التي ستمكن المفتشين الأميركيين من الدخول إلى المواقع الاستراتيجية الروسية وخفض أعداد الأسلحة النووية التي تملكها كلتا الدولتين لمستوى لم تشهداه منذ خمسينات القرن الماضي.

معاهدة خفض الأسلحة الاستراتيجية الجديدة التي وقعها الرئيس باراك أوباما ونظيره الروسي ديميتري ميدفيديف في أبريل (نيسان) قامت على الأسس التي وضعها القادة الأميركيون من كلا الحزبين خلال العقود الأربعة الماضية. ومن ثم فهي تحظى بدعم واسع النطاق من كلا الحزبين. فقد أقر الاتفاقية ست وزراء خارجية سابقين وخمس وزراء سابقين للدفاع وثلاث مستشارين سابقين للأمن القومي. هذا إلى جانب سبعة من القادة السابقين للقيادة الاستراتيجية الأميركية والقيادة العسكرية الأميركية الحالية. وهم يدركون أن المخاطر النووية لم تختف بتفكك الاتحاد السوفياتي وأننا نحمل مسؤولية - تجاه الشعب الأميركي وحلفائنا - باليقظة تجاه الترسانة النووية الرئيسية الأخرى في العالم.

الوقت ينفد أمام الكونغرس الحالي، وإليكم ما هو على المحك الآن: معاهدة ستارت الجديدة ستفي بالعديد من أهداف الأمن القومي الرئيسية، والتي تشمل خفض عدد الأسلحة المنتشرة في الوقت الذي تحتفظ فيه برادع آمن وفاعل، وتقدم رؤية مباشرة عميقة للترسانة وتنشأ علاقة أكثر تعاونا وانتظاما واستقرارا بين أكبر قوتين نوويتين في العالم. وسوف تعتمد الاتفاقية نظام تحقق فاعل لتتبع حجم تقدم كل جانب في خفض ترسانته النووية إلى 1,550 رأس حربية استراتيجية. وفي مجال الأسلحة على وجه الخصوص، سنتبادل المزيد من البيانات حول الأسلحة وتحركاتها أكثر مما كان في الماضي. وسوف نقوم بـ18عملية تفتيش مفاجئة للقوات النووية الروسية كل عام ومن بينها التحقق من الرؤوس الحربية على كل صاروخ.

اتفاقية ستارت الجديدة ستعد الساحة من أجل خفض الأسلحة النووية في المستقبل، والتي ستشمل المفاوضات حول الأسلحة النووية التكتيكية، والتي ستساعد في إعادة صياغة العلاقات الأميركية الروسية، والتي ستسمح لنا بالتعاون سعيا وراء مصالحنا الاستراتيجية.

هذا ما ستحققه لنا الاستراتيجية. وإليكم ما لن تحققه:

لن تحد من قدراتنا على تطوير ونشر أكثر الصواريخ الدفاعية فاعلية لحماية القوات والأراضي الأميركية، وتعزيز أمن حلفائنا وشركائنا. وهذه الإدارة ملتزمة بدعم وتطوير القدرات الدفاعية لصواريخنا واقترحت إنفاق ما يقرب من 10 مليارات دولار لهذا الغرض في ميزانية عام 2011.

لن تحد الاتفاقية من قدرتنا على تحديث قواتنا النووية، بل على العكس، ستواصل الولايات المتحدة الحفاظ على رادع نووي قوي قائم على نظام التسليم الثلاثي: الصواريخ الباليستية العابرة للقارات والصواريخ الباليستية التي تطلق من على متن الغواصات، والقنابل الثقيلة للأسلحة النووية. ولدعم وتحديث هذه الأسلحة اقترحت الإدارة إنفاق 100 مليار دولار خلال العقد الماضي.

علاوة على ذلك، ستسمح الاتفاقية للولايات المتحدة بالقيام بالاستثمارات التي تحتاجها لصيانة وتأمين مخزون نووي فاعل. وقد اقترحت الإدارة الحالية إنفاق 7 مليارات دولار لهذا الغرض في ميزانية العام الحالي - بزيادة قدرها 10 في المائة - وأكثر من 80 مليار دولار على تحديث مجمع أسلحتنا النووية خلال العقد القادم، وتشمل برنامج تمديد العمر الرئيس للرؤوس الحربية الحالية. وإجمالا فقد اقترحت الإدارة الحالية إنفاق أكثر من 180 مليار دولار على البنية التحتية التي تدعم أسلحتنا النووية ووسائل صيانته - استثمار داعم في مصداقية وفاعلية الرادع النووي الأميركي.

وأخيرا، فإن اتفاقية ستارت الجديدة لن تحد من قدرة على تطوير أو نشر أكثر القدرات التقليدية الممكنة فعالية ومن نبيها نظام الانقضاض القادر على ضرب هدف في أي مكان على سطح الأرض في أقل من ساعة.

كل الرؤساء منذ بداية الحرب الباردة تبنوا اتفاقات التحقق من الحد من الأسلحة، وفي كل مرة كان الكونغرس يدعم هذه الاتفاقات بهامش أغلبية. وقد تمت الموافقة على الاتفاقية التي عقدها الرئيس ريغان والرئيس جورج إتش دبليو بوش في عام 1992 بأغلبية 93 مقابل 6 أصوات. وقد تمت المصادقة على اتفاقية موسكو التي وقعها الرئيس جورج إتش دبليو بوش بأغلبية 95 دون معارضة في عام 2003. اتفاقية ستارت الجديدة بحاجة إلى التصديق الفوري، فأمننا القومي يعتمد عليها.

* وزيرة الخارجية ووزير الدفاع

في الولايات المتحدة

* خدمة «واشنطن بوست»