ضرر رجل واحد

TT

«كان سجله المعيب دليلا على مدى الضرر الذي يستطيع رجل واحد أن يلحقه ببلده». هذا ما يقوله جورج بوش، في الصفحة 351 من «لحظات القرار». إلا أن الرجل المعني ليس جورج بوش وإنما هو روبرت موغابي «الذي حول زيمبابوي من دولة مصدرة للزرع إلى دولة مستوردة». كأنما جورج بوش لم يحول أميركا خلال ثماني سنوات من دولة فوائض وثروات إلى دولة مدينة بمئات آلاف المليارات.

قرأت في الأسابيع الأخيرة مذكرات رجلين من الغرب: توني بلير وجورج بوش. في الأولى، كنت أبحث عبثا عن شيء من تشرشل أو هارولد ماكميلان أو ثاتشر. في الثانية أبحث عبثا عن جون كينيدي، الذي أحاط نفسه بكبار المؤرخين والمفكرين والإداريين من أجل اجتياز مرحلة من تعقيدات الحرب الباردة.

وقد عُرف عن جورج بوش كل شيء إلا أنه ذو رؤيا، أما بلير فقد عرف عنه أنه اتبع جورج بوش في مغامراته العسكرية، من دون أن يحاول هو إقناعه بالبحث عن مخارج أخرى للحالة التي صار إليها الغرب بعد سبتمبر (أيلول) 2001. تبدو مذكرات بلير خالية من أي أهمية، حتى ربما بالنسبة إلى البريطانيين. أما مذكرات بوش فهي حكايات تخاط وسط أسوأ أنواع من المستشارين. وعندما تحين «لحظات القرار» ويحتدم النقاش حول سبل المواجهة، يسمع صوت العقل آتيا من امرأة، كوندوليزا رايس، بينما يحاول ديك تشيني ودونالد رامسفيلد وبول ولفويتز دفع الرئيس نحو المزيد من الحماقات.

وربما كان جورج بوش على درجة متوسطة من الكفاءة، كحاكم لتكساس، أما أن يكون القرار في يده عندما تضرب كارثة في حجم الإعصار «كاترينا»، أو سبتمبر 2001 أو حرب 2006 على لبنان، فتلك قضايا لا يحلها المتدربون؛ لذلك رأى بوش الحل في كوارث أشد، كالحرب في العراق؛ حيث يفاخر بأنه تم العثور على صدام حسين في مخبأ تحت الأرض. لكنه إذ يعثر بإنقاذ العراق و«الأمن القومي الأميركي من الطاغية» ينسى أنه أيضا أنقذ العراق من العراق. ويتحدث، في بلادة غير معقولة، عن نشر الديمقراطية بين النهرين، دون أن يلمح إلى كميات الدماء التي تملأ الجدران.

الدرس الوحيد المفيد لا علاقة له بالسياسة والحكم. إنه في نجاح لورا بوش بحمل زوجها على التخلص من إدمان الكحول. يصف لنا كيف جعل منه الإدمان رجلا بلا إرادة وبلا ذاكرة وغالبا بلا وعي، وكيف عاد طبيعيا.