وعكة ألمت بالملك عبد الله بن عبد العزيز في ظهره، أعلن عنها بيان الديوان الملكي، ثم كلف الأمير نايف، النائب الثاني، بالإشراف على موسم الحج واستقبال كبار الشخصيات في مشعر منى وإلقاء الكلمة المعتادة لملوك السعودية منذ أيام الملك المؤسس عبد العزيز.
قلق السعوديون على مليكهم، لكن الملك ظهر يوم العيد مستقبلا المهنئين، وهو يمشي متوكئا على عصاه، وارتجل كلمة حميمية مرحة طمأن فيها السعوديين على صحته وأن ما به ليس إلا انزلاقا غضروفيا، كما يقول الأطباء، أو «عرق النسا» كما هو معروف شعبيا، إلا أن الملك المعروف بمساندته للمرأة السعودية سارع بتبرئة ساحة النساء من وزر هذه الوعكة، في إشارة لطيفة إلى أن المرأة السعودية تتحمل الكثير من الضغوط والصور النمطية الظالمة لها، فضلا عن التضييق على حقها الطبيعي في الحياة والعمل والنشاط العام.
كل هذه المحطات كانت محور حديث السعوديين في الأيام الماضية، خصوصا فرحة سلامة الملك. لن أتحدث عما نشر في الصحف السعودية حول التهنئة بسلامة قائد البلاد، باعتبار الطابع شبه الرسمي لها، كما يرى البعض، ولكن فاضت منتديات الإنترنت ورسائل الهواتف بخبر شفاء الملك والفرح بذلك.
يمثل الملك عبد الله بن عبد العزيز، دون مبالغة، حالة فريدة من التمازج بين طابع الأب الطيب، والقائد المهيب، وصاحب القرارات الصعبة والحازمة، مزيج من الطيبة والقوة، من شعبية الداخل واحترام الخارج.
يعلق الشبان السعوديون صوره على سياراتهم، والفتيات على أرديتهن، ومعاصمهن، في تصرف عفوي بالغ.
الملك عبد الله يشبه خيال شعبه الذي يعيش فترة مثيرة من إعادة اكتشاف الذات والقدرات.
في غمرة هذا الالتفاف الشعبي حول رمزية وشخص وصحة الملك عبد الله، أعاد الملك الشهير بمبادرته العالمية حول الحوار والتسامح تأكيد القيم التي يؤمن بها ويقود السعودية على هداها، في كلمته التي وجهها إلى الحجاج في يوم الحج الأكبر.
قال الملك، مخاطبا السعوديين والأمة الإسلامية كلها: «في هذه المناسبة الإنسانية العظيمة، أدعوكم، وأدعو كل من تصل إليه كلماتي هذه، أيا كان، أن نتذكر ما يجمع بين الأديان والمعتقدات والثقافات، وأن نؤكد على ما هو مشترك، فبهذا نتجاوز خلافاتنا، ونقرب المسافات بيننا، ونصنع عالما يسوده السلام والتفاهم، ويعمه التقدم والرخاء».
هذه هي قيم عبد الله بن عبد العزيز التي يؤكدها دوما، وهذا هو الملك الذي أحبه ويحبه بكل عفوية شعبه.
عبد الله بن عبد العزيز هو «روح السعودية».