هل لي من طائر (كراكي)؟!

TT

يقولون: لا يضيع حق وراءه مطالب.

وأرد عليهم قائلا: كذبتم؛ فلي عدّة سنوات حفيت فيها قدماي، وتلفت فيها أعصابي، وكاد عقلي أن (يتمخول) ـ إن لم يكن قد تمخول فعلا, ولم أحصل ولا حتى على عشر معشار حقي، لقد ذهب حقي ودمي بين سيوف القبائل، وهم ما زالوا يتضاحكون، ولكن لا بأس أن أروي لكم هذه الحكاية (الخرافية) لكي تبرّد قليلا من النار التي تحرق كبدي.

«حكي أن (ثيود سيوس) أحد ملوك اليونان، كتب إلى (كنتس) الشاعر أن يزوده بما عنده من كتب فلسفية: فجمع ماله في علبة ضخمة وارتحل قاصدا إليه، فلقي في تلك البادية قطاع طرق طمعوا في ماله وهموا بقتله، فناشدهم الله ألا يقتلوه وأن يأخذوا ماله ويخلوه، فأبوا، فتحير ونظر يمينا وشمالا يتلمس معينا وناصرا فلم يجد، فرفع رأسه إلى السماء ومد طرفه في الهواء فرأى (كراكي) تطير محلقة، فصاح: أيتها الكراكي الطائرة قد أعجزني المعين والناصر فكوني المطالبة بدمي والآخذة بثأري.

فضحك اللصوص وقال بعضهم لبعض: هذا أنقص الناس عقلا ومن لا عقل له لا جناح في قتله. ثم قتلوه وأخذوا ماله واقتسموه وعادوا إلى أماكنهم.

فلما اتصل الأمر بأهل مدينته حزنوا وأعظموا ذلك وتبعوا أثر قاتله واجتهدوا، فلم يجدوا شيئا ولم يقفوا على شيء. وحضر اليونانيون وأهل مدينته إلى هيكلهم لقراءة التسابيح والمذاكرة بالحكمة والعظمة. وحضر الناس من كل قطر وأوب. وجاء القتلة واختلطوا بالجمع وجلسوا عند بعض الهيكل. وبينما هم على ذلك إذ مرت بهم (كراكي) تتناغى وتصيح، فرفع اللصوص أعينهم ووجوههم إلى الهواء ينظرون ما فيه، فإذا (كراكي) تصيح وتطير وتسد الجو، فتضاحكوا، وقال بعضهم لبعض: هؤلاء طالبو دم كنتس الجاهل - وكانوا يستهزئون. فسمع كلامهم من كان قريبا منهم، فأخبر السلطان، فأخذهم وشدد عليهم وطالبهم، فأقروا بقتله، فقتلهم، فكانت (الكراكي) المطالبة بدمه، لو كانوا يعقلون أن الطالب لهم بالمرصاد».

و(الكراكي) لمن لا يعرفه: طائر كبير منتصب الجسم يبلغ طوله مترا وربع المتر، يهاجر صيفا وشتاء ويقطع أكثر من ستة آلاف كيلومتر ذهابا وإيابا دون أن يمل أو يتعب.

فهل لي من طائر (كراكي) يعيد لي حقي؟!

أرجو المعذرة بأن حكيت عن موضوع شخصي في جريدة سيارة، ولكن ما باليد حيلة، فعلّ وعسى.

[email protected]