السعودية ومصر والحلفاء الجدد

TT

كلما نظرنا إلى أوضاع المنطقة من حولنا نجد إيران وتأثيرها السلبي، وبالمقابل نجد السعوديين والمصريين كمطفئي الحرائق، وهذا ما نراه في اليمن، العراق، لبنان، وفلسطين، وقد تتفاوت الأدوار، نقصا أو زيادة، بين الرياض والقاهرة، لكنهما تمثلان مركزي الثقل للعقلانية العربية في المنطقة.

بالنسبة للإيرانيين، فإن قوتهم تكمن في حلفائهم المسلحين، الميليشيات، أو حلفاء آخرين يقومون بدور المعطِّل، لا أكثر ولا أقل، إما بإضاعة الوقت، وإما من خلال تقديم مواقف من شأنها تعقيد الموقف أكثر، فقط لضمان وجودهم على طاولة الحل المرجوة، دونما تقدم يذكر، أي مجرد عملية مسكنات لا تقدم أي حلول حقيقية للجسد العليل، أيا كان.

بالمقابل، فهناك دولتان مهمتان للمنطقة، سلبا وإيجابا، وهما: تركيا الطموحة، أو، بحسب مجلة الإيكونوميست، (صين أوروبا)، وهناك باكستان. وأهمية كل من هاتين الدولتين تظهر جليا لكل من يتمعن في الخارطة، وفي تفاصيل الدولتين، ومقوماتهما. فتركيا دولة مجاورة لإيران، والعراق، وسورية، ولها ثقل اقتصادي، وسياسي، وعسكري، ناهيك عن موقعها في الشق الأوروبي، والدولة الوحيدة العضو في حلف الناتو من دول المنطقة، وأجندتها السياسية واضحة، بالنسبة للعراق أو غيره من دول المنطقة، ولديها دوافع ومقومات اقتصادية، واضحة أيضا، ومن مصلحتها استقرار المنطقة ككل.

أما بالنسبة لباكستان، فهي دولة إسلامية نووية، وذات كثافة سكانية، ولديها علاقة وثيقة بالسعوديين، ودولة مجاورة لأفغانستان، حيث مركز الإرهاب، ولها تأثير كبير عليها، كما أنها تقع في خاصرة إيران. وبالتالي - كما قلنا بالأمس، من أن الأتراك قد غلبوا مصالحهم على الشعارات، في اتفاقية نظام الدرع الصاروخية بحلف الناتو، وهو ما وصفناه بالشطارة التركية - فإن الباكستانيين أيضا حريصون على حلفهم مع الرياض، وهناك رصيد من الثقة السياسية بينهم وبين السعوديين، مدعوم بجملة مصالح تربط بين البلدين. وعليه - وعطفا على ما سبق - فلا بد من إعادة النظر جيدا من قبل السعوديين والمصريين في التواصل، والتفاعل، مع تركيا وباكستان، وضرورة العمل على أن يكونا الحلفاء الجدد في ترتيب أوراق المنطقة.

فإذا كانت إيران تتحالف مع ميليشيات، ودول تعطيل، فإن على السعوديين والمصريين أن يتحالفا مع دول مؤسسات، مثل تركيا وباكستان، وفي ذلك جملة فوائد لمصلحة المنطقة ككل. بالنسبة لباكستان، فهناك استقرار أفغانستان، وضمان عدم التوغل الإيراني فيها، أو دعم طهران لكل من «طالبان» و«القاعدة»، خصوصا مع اقتراب انسحاب الأميركيين من هناك، وبالنسبة لتركيا فهناك العراق، ولبنان، ودعم القضية الفلسطينية، وهذه ملفات في حاجة ماسة لدول ذات مواقف واضحة.

وبالطبع، هذه الدعوة ليست تأييدا لفكرة «دول الجوار» التي طرحها الأمين العام لجامعة الدول العربية، ولا تطويرا لها، بل هي دعوة لإعادة ترتيب أوراق المنطقة وفق المصالح المشتركة، ومع دول وليس طوائف، أو أحزابا، أو ميليشيات. فليس من مصلحة المنطقة وجود عراق ضعيف، أو لبنان محترق، أو إيران متمددة بالمنطقة، وما يجب أن نتنبه له هنا هو أن تركيا وباكستان تمثلان مقصا لقطع الحبل الذي يراد لفه على رقبة المنطقة من قِبَل إيران وحلفائها.

[email protected]