زوجوهن 16 عاما!

TT

في رمضان الماضي، باشر بشجاعة الرئيس الإيراني أحمدي نجاد سياسته برفع الدعم التدريجي عن السلع، الذي رفع أسعار البنزين والديزل في إيران، ومن المقرر أن يرفع السعر مرة أخرى خلال الشهر المقبل. القرار يعتبر أخطر من كل القضايا التي خاضها الرئيس الإيراني، المثير للجدل. المثير الجديد أن الرئيس اختار أن يفتح معركة مختلفة الآن، فقد حث على خفض عمر الزواج بالنسبة للشباب، من المتعارف عليه، من 26 إلى 16 عاما، من أجل زيادة سكان الدولة، معلنا أن تنظيم الأسرة بتحديد النسل سياسة غبية. وهي سياسة اعتمدت أولا في عهد الشاه، وثارت ثائرة رجال الدين ضدها، آنذاك. وعندما تولى آية الله الخميني الحكم أوقف سياسة تحديد النسل، واصفا إياها بالسياسة الكافرة. لكن بعد سنوات قليلة غيرت إيران موقفها مرة ثانية، وتبنت سياسة الحد من التوالد، معتبرة أن زيادة السكان المفتوحة تهدد البلاد. بل اعتمدت الحكومة الإيرانية في التسعينات نظاما أكثر صرامة يشجع على ولدين فقط لكل عائلة، واستخدمت المساجد للدعوة إلى الحد من النسل تحت عنوان «تنظيم الأسرة»، وتولى الأئمة تثقيف المصلين بأهمية وفوائد العائلة الأقل عددا.

لكن يبدو أن الرئيس الحالي وجد في فتح قضية السكان وسيلة لإلهاء الإيرانيين عن مشكلتهم الجديدة، غلاء المعيشة، وهو قلق من تنامي المعارضة السياسة النشطة في الداخل.

فاختار نجاد أن يعارض سياسة بلاده، الحد من النسل، مشجعا على سياسة جديدة، الزواج المبكر وزيادة عدد المواليد، مدعيا أن زيادة النسل تعني زيادة سكان الأمة الإيرانية، وذلك يعني زيادة قوتها ورفعتها. شعارات مثيرة للحماس، أو على الأقل تفتح باب الجدل في المجتمع الإيراني المنشغل منذ فترة بالحديث عن صراع الحكم بين رجال الدين وارتفاع أسعار المعيشة. لكن هل زيادة المواليد ستحل مشكلة زيادة أسعار البنزين؟ بالتأكيد النتيجة ستكون عكسية، وإن شغلت الناس بالجدل لبعض الوقت.

في إيران أمة حيوية حقا، حيث إن جميع فئاتها تعمل في كل الوظائف، المتطورة والبسيطة. فيها حققت المرأة نجاحات في مجتمعها أكثر مما حدث في معظم الدول العربية، حتى في ظل سياسة التشدد الديني التي حاولت تقييد المرأة، واليوم عدد خريجات الجامعات أكثر من خريجيها، ويشاركن في العمل في معظم الوظائف، بما فيها العسكرية والأمنية والدينية.

ومن أحد أسباب قدرة إيران على النجاة من ظروف اقتصادية صعبة خلال العقدين الماضيين هو نجاحها في إشراك المرأة في الوظائف، لتكون دخلا إضافيا للأسرة، وثانيا اعتماد سياسة الحد من النسل. اليوم إيران دولة كبيرة، 75 مليون نسمة، وتواجه تحديات خطيرة، أبرزها العقوبات الاقتصادية الدولية التي ستؤثر على معيشة الفرد الإيراني، بغض النظر عن موقفه ووظيفته والطبقة الاجتماعية التي ينتمي إليها. ولو أن ملايين الشباب سارعوا للاستجابة لدعوة الرئيس نجاد بالزواج المبكر وزيادة عدد مرات الإنجاب، فإن حصيلتها ستكون كدول تعاني كثيرا اليوم، مثل مصر، من انفجار سكاني بموارد محدودة، أي زيادة في الفقراء، بما يعنيه من تحديات اجتماعية واقتصادية وسياسية.

[email protected]